للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعرفة أن يصوم؛ ليتقوى على الدعاء؛ لما روى ابن عمر قال: «حججت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يصمه، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه، ومع عثمان فلم يصمه، فأنا لا أصومه ولا آمر به، ولا أنهى عنه» ، حديث حسن، ومن صام شهر رمضان وأتبعه بست من شوال - وإن فرقها - فكأنما صام الدهر؛ لما روى أبو أيوب قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من صام شهر رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله» رواه مسلم.

فصل:

ويكره إفراد الجمعة بالصيام. لما روى أبو هريرة قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةَ إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» متفق عليه. وإفراد يوم السبت بالصوم؛ لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» وهذا حديث حسن صحيح. فإن صامهما معًا لم يكره لحديث أبي هريرة، ويكره إفراد أعياد الكفار بالصيام لما فيه من تعظيمها، والتشبه بأهلها، ويكره صوم الدهر؛ لما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قيل له: فكيف بمن صام الدهر؟ قال: «لا صام ولا أفطر» حديث حسن؛ ولأنه يشبه التبتل المنهي عنه. ويكره إفراد رجب بالصوم؛ لما فيه من تشبهه برمضان، وقد روي عن خرشة قال: رأيت عمر يضرب أكف الناس حتى يضعوها في الطعام. يعني في رجب. ويقول: إنما هو شهر كانت الجاهلية تعظمه، ثم يقول: صوموا منه، وأفطروا، وروى سعيد بن منصور أوله بمعناه، ولم يقل فيه: " صوموا منه وأفطروا ". وقال أصحابنا: يكره صوم يوم الشك وهو اليوم الذي يُشَكُّ فيه هل هو من شعبان أو من رمضان إذا كان صحوًا، ويحتمل أنه محرم؛ لقول عمار: «من صام اليوم الذي يشك فيه الناس فقد عصى أبا القاسم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» - رواه أبو داود والترمذي نحوه، وصححه والمعصية حرام.

وكذلك استقبال رمضان باليوم واليومين؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصيام يوم أو يومين إلا أن يكون رجلا كان يصوم صيامًا فليصمه» متفق عليه. وما وافق هذا كله عادة فلا بأس بصومه لهذا الحديث، وقد دل هذا الحديث بمفهومه على جواز التقدم بأكثر من يومين. وقد روي عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَأَمْسِكُوا عَنِ الصِّيَامِ حَتَّى يَكُونَ رَمَضَانُ» وهذا حديث صحيح، فيحمل الأول على الجواز، وهذا على نفي الفضيلة جمعًا بينهما.

فصل:

ويحرم صوم العيدين عن فرض أو تطوع، فإن صامهما فقد عصى ولم يجزآه عن فرض؛ لما روى أبو عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب فقال: «هذان يومان نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيامهما، يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر

<<  <  ج: ص:  >  >>