لمن يقاتل به في الفتنة، ولا الأقداح لمن يشرب فيها الخمر، لأنه معونة على المعصية فلم يجز، كإجارة داره لبيع الخمر. ولا يجوز بيع العبد المسلم لكافر، لأنه يمنع من استدامة ملكه عليه فلم يصح عقده عليه، كالنكاح فإن أسلم في يده، أو يد موروثه، ثم انتقل إليه بالإرث أجبر على إزالة ملكه عنه، لأن في تركه في ملكه صغاراً، فإن باعه، أو وهبه لمسلم أو أعتقه جاز. وإن كاتبه ففيه وجهان:
أحدهما: يجوز، لأنه يصير كالخارج عن ملكه في التصرفات.
والثاني: لا يجوز، لأنه لا يزيل الملك فلم يقبل، كالتزويج.
وإن ابتاع الكافر مسلماً، يعتق عليه بالشراء، ففيه روايتان:
إحداهما: لا يصح، لأنه عقد يملك به المسلم.
والثانية: يجوز لأن ملكه يزول حال ثبوته، فلا يحصل به صغار، وإن حصل فقد حصل له من الكمال بالحرية، فوق ما لحقه برق لحظة. وإن قال الكافر لمسلم: أعتق عبدك عني وعلي ثمنه ففيه وجهان، بناء على ما ذكرناه، لأنه بقدر بيعه للكافر، وتوكيل البائع في عتقه.
فصل:
ولا يجوز أن يفرق في البيع بين ذوي رحم محرم قبل البلوغ، لما روى أبو أيوب عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة» حديث حسن.
وعن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«وهب لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غلامين أخوين، فبعت أحدهما، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما فعل غلامك؟ فأخبرته، فقال: رده رده» رواه الترمذي. وقال حديث حسن. فإن فرق بينهما فالبيع باطل، رضيت الأم ذلك أم كرهته، نص عليه، لأنه فيه إسقاطاً لحق الولد. وهل يجوز التفريق بينهما بعد البلوغ؟ فيه روايتان:
إحداهما: لا يجوز لعموم الخبر.
والثانية: يجوز لأن «سلمة بن الأكوع أتى أبا بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بامرأة وابنتها في غزوة فنفله أبو بكر ابنتها، ثم استوهبها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من سلمة فوهبها له» . رواه مسلم. وهذا تفريق. ولأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهديت له أختان مارية وسيرين، فأمسك مارية ووهب أختها لحسان بن ثابت» .