للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خسر فيه، فعلى البائع فهذا شرط باطل، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعائشة لما أرادت شراء بريرة، فاشترط أهلها ولاءها: «اشتريها فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق ثم قال: من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط» متفق عليه.

وهل يفسد البيع به؟ فيه روايتان:

إحداهما: لا يفسد، لحديث بريرة.

والثانية: يفسد، لأنه إذا فسد الشرط وجب رد ما في مقابلته من الثمن، وذلك مجهول فيصير الثمن مجهولاً.

النوع الثاني: أن يشتريه بشرط أن يعتقه ففيه روايتان:

إحداهما: الشرط فاسد، لأنه ينافي مقتضى البيع، فأشبه ما قبله.

والثانية: يصح لأن عائشة اشترت بريرة لتعتقها، فأجازه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فعلى هذا إن امتنع المشتري من العتق أجبر عليه في أحد الوجهين، لأنه عتق مستحق عليه، فأجبر عليه كما لو نذر عتقه.

والثاني: لا يجبر عليه لأن الشرط لا يوجب فعل المشروط، كما لو شرط رهناً أو ضميناً لم يجبر، ولكن يثبت للبائع خيار الفسخ كمشترط الرهن، فإن مات العبد رجع البائع على المشتري بما نقصه شرط العتق، وإن كان المبيع أمة فأحبلها أعتقها وأجزأه لأن الرق باق فيها.

الرابع: ما لا ينافي مقتضى العقد، ولا هو من مصلحته، وهو نوعان:

أحدهما: أن يشرط عقداً آخر، مثل أن يبيعه بشرط أن يبيعه عيناً أخرى أو يؤجره أو يسلفه، أو يشتري منه، أو يستسلف، فهذا شرط فاسد يفسد العقد به، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع» . قال الترمذي: هذا حديث صحيح. ونهى عن بيعتين في بيعة وهذا منه.

الثاني: أن يشترط المشتري منفعة البائع في المبيع، فيصح إذا كانت معلومة، مثل أن يشتري ثوباً، ويشترط على بائعه خياطه قميصاً، أو فلعة ويشترط حذوها نعلاً، أو حطباً ويشترط حمله، لأن محمد بن مسلمة اشترى من نبطي جرزة حطب وشرط عليه حملها، واشتهر ذلك فلم ينكر، ولأنه بيع، وإجارة فصح، كما لو باعه عبده وأجره داره في عقد واحد. وقال الخرقي: إن شرط مشتري الرطبة جزها على بائعها بطل

<<  <  ج: ص:  >  >>