لأنها لم تتمحض كتابية، أشبهت المجوسية، ولا من يتمسك بصحف إبراهيم وزبور داود، أو كتاب غير التوراة والإنجيل، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا}[الأنعام: ١٥٦] ؛ ولأن تلك الكتب ليست بشرائع، إنما هي مواعظ وأمثال. ويباح نكاح حرائر الكتابيات، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة: ٥] وهم اليهود والنصارى ومن وافقهم من أصل دينهم ودان بالتوراة والإنجيل، كالسامرة وفرق النصارى، وفي نصارى بني تغلب روايتان:
إحداهما: إباحة نسائهم؛ لأنهن كتابيات فيدخلن في عموم الآية.
والثانية: تحريمهن؛ لأنه لا يعلم دخولهن في دينهم قبل تبديل كتابهم. ولا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال، كتابياً كان أو غير كتابي، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}[البقرة: ٢٢١] وقوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[الممتحنة: ١٠] . وكل من تحل حرائرهم بالنكاح حل وطء إمائهم بملك اليمين. ومن حرم نكاح حرائرهم، حرم وطء إمائهم بملك اليمين بالقياس على المحرمات بالرضاع.
فصل:
النوع السادس: التحريم لأجل الرق وهو ضربان:
أحدهما: تحريم الإماء، وهن نوعان: كتابيات، فلا يحل لمسلم نكاحهن ولو كان عبداً. وعنه: يجوز، والأول: المذهب، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}[النساء: ٢٥] . فشرط في إباحتهن إيمانهن، ولأنهن ناقصات من وجهين، أشبه المشركات.
والثاني: الأمة المسلمة، فللعبد نكاحها؛ لأنها تساويه، ولا تحل لحر نكاحها إلا بشرطين: عدم الطول، وهو: العجز عن نكاح حرة، أو شراء أمة.
والثاني: خشية العنت: وهو الزنى، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}[النساء: ٢٥] . إلى قوله:{ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٥] فإن أمكنه نكاح حرة كتابية لم تحل له