للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل:

السبب الثاني: إذا عتقت المرأة وزوجها عبد فلها الخيار في فسخ النكاح، لما روت عائشة قالت: «كاتبت بريرة، فخيرها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في زوجها وكان عبداً، فاختارت نفسها. قال عروة: ولو كان حراً ما خيرها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . رواه مالك في " موطئه " وأبو داود في " سننه ". وإن عتقت وزوجها حر فلا خيار لها، للخبر، ولأنها كملت تحت كامل، فلم يثبت لها خيار، كما لو أسلمت الكتابية تحت مسلم، بخلاف زوجة العبد. ولها الفسخ بنفسها؛ لأنه خيار ثبت بالنص والإجماع، ولما روى الحسن عن عمر بن أمية قال: سمعت رجالاً يتحدثون عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إذا أعتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها، إن شاءت فارقته، فإن وطئها فلا خيار لها» رواه الإمام أحمد في المسند. وخيارها على التراخي، للخبر ما لم يطأها، فإن أمكنته من وطئها عالمة بالحال بطل خيارها، للخبر؛ ولأنه دليل على رضاها به فبطل خيارها، كما لو نطقت به. وإن لم تعلم بطل خيارها أيضاً، نص عليه أحمد للخبر. وقال القاضي وأبو الخطاب: لا يبطل؛ لأن تمكينها مع جهلها لا يدل على رضاها به. وإن لم تعلم بالعتق حتى وطئها، ففيه وجهان كالتي قبلها فعلى هذا إن ادعت الجهل بالعتق وهي ممن يجوز خفاؤه عليها لبعدها عن المعتق فالقول قولها مع يمينها، وإن كانت ممن لا يخفى عليها ذلك لقربه واشتهاره لم يقبل قولها، فإن ادعت الجهل بثبوت الخيار فالقول قولها؛ لأنه لا يعلمه إلا خواص الناس. وإن أعتق العبد قبل اختيارها بطل خيارها؛ لأن الخيار لدفع الضرر الحاصل بالرق، وقد زال بعتقه فزال، كرد المعيب إذا زال عيبه. ولو أعتقا معاً فلا خيار لها. وعنه: لها الخيار، والأول أولى؛ لأنها لو عتقت تحت حر لم يثبت لها خيار، لعدم الضرر، فكذا هاهنا. ويستحب لمن أراد عتق عبد وجاريته المتزوجين البداءة بعتق الرجل، لئلا يكون للمرأة عليه خيار. وقد روى أبو داود «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أنه كان غلام وجارية، فقالت للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إني أريد أن أعتقهما، فقال لها: فابدئي بالرجل» .

فصل:

فإن أعتقت المجنونة والصغيرة فلا خيار لهما؛ لأنهما لا عقل لهما، ولا قول

<<  <  ج: ص:  >  >>