لكن إذا راجعوا دينهم لا شك أن الله -جل وعلا- يكشف عنهم الخوف ويبسط عليهم الأمن، وهو من باب إضافة إيش؟ صلاة الخوف يعني الصلاة التي سببها الخوف، من إضافة المسبب إلى سببه، من إضافة المسبب إلى سببه، وصلاة الخوف ثبتت في الكتاب والسنة، وجماهير أهل العلم على أنها ثابتة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى قيام الساعة، وأبو يوسف صاحب أبي حنيفة يرى أنها لا تفعل إلا مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن غير النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس عنده من الميزة في الإمامة بحيث يفرط في ببعض أفعال الصلاة، يعني بدلاً من أن تصلى صلاة الخوف على شيء من النقص في الصلاة على ما سيأتي في صورها تصلى كاملة تامة في أكثر من إمام، وينتهي الإشكال، ويستدل بقوله -جل وعلا-: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(١٠٢) سورة النساء] إذا كنت فيهم, فالخطاب موجه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكونه فيهم في الآية يوحي بأنه شرط، لكن خطاب النبي -عليه الصلاة والسلام- خطاب له ولأمته، بدليل قوله -جل وعلا-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(١٠٣) سورة التوبة] هل معنى هذا أن غيره لا يؤخذ صدقة من الناس؟ ما يأخذون الزكاة؟ ما يجبون الزكوات؟ من يقوم مقامه من الأئمة ما يجبي الزكاة؟ لا، وأيضاً فعلها الصحابة بعده -عليه الصلاة والسلام-، فدل على أن تشريعها قائم إلى قيام الساعة، وهي أيضاً شرعية صلاة الخوف من أعظم الأدلة على وجوب صلاة الجماعة، من أعظم الأدلة على وجوب صلاة الجماعة كيف؟ صلاة الخوف إنما شرعت من أجل الحفاظ على الجماعة، فإذا كانت الجماعة واجبة في مثل هذا الظرف وهو الخوف في مواجهة الأعداء في الجهاد مع التنازل عن بعض الواجبات في الصلاة، واشتمال صلاة الخوف على ما يبطلها لو كانت في حالة الأمن، لا شك أن العناية بهذه الفريضة أعني الجماعة في مثل هذا الظرف لا شك أنه يدل على اهتمام شديد من الشارع ففي حال الأمن من باب أولى.
"عن صالح بن خوات" بن جبير بن النعمان الأنصاري، تابعي، سمع أباه خوات من جبير، وسمع سهل بن أبي حثمة وسمع جمع من الصحابة.