هذا يقول: لماذا لم يورد الحافظ ابن حجر كتاب عمر في القضاء لأبي موسى الأشعري؟
أولاً: الحافظ لم يلتزم إيراد كل ما يتعلق في أحاديث الأحكام، ولذا تجدون ما في البلوغ يعادل ربع ما في المنتقى، والإلزام بغير ما يلتزم به المؤلف ليس بوارد، والإلزامات التي ذكرها الدارقطني من إلزام البخاري ومسلم أحاديث لم يخرجاها في كتابيهما، مع أن شروطهما تتفق، ومتوافرة في هذه الأحاديث، نقول كما قلنا هنا: إن الحافظ لم يلتزم في إيراد جميع أحاديث الأحكام وما يتعلق بها، وكذلك البخاري ومسلم لم يلتزما إيراد كل ما صح، فالاختيار متروك للمؤلف.
ذكر الفقهاء ضمن الشروط بالنسبة للقاضي: أن يكون القاضي بصيراً، وعللوا ذلك لكي يرى المدعي والمدعى عليه، فهل معنى ذلك أن الأعمى لا يصلح للقضاء؟
لا شك أنه شرط كمال، هو شرط كمال، وليس بشرط صحة، فكما هو الشأن في الإمارة، هم اشترطوه في الإمامة العظمى والولايات العامة، لكن مع ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- استخلف ابن أم مكتوم مراراً على المدينة، مما يدل على أن ولايته صحيحة، وإمامة الأعمى سبق الكلام فيها حتى من أهل العلم من يقول: إن الأعمى أولى بالإمامة من المبصر، ومنهم من يرى أن المبصر ألوى بالإمامة من الأعمى، وكل له حجته، وكلها علل، وليس فيها نص، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مراراً، وعلى هذا فالأعمى لا خدش في إمامته، ولا في إمارته، ولا في قضائه، وعلى مر التاريخ تولى القضاء كثير من العميان، إلى عصرنا الحاضر، وكثير منهم متميز في قضائه، بل أكثر المتميزين من العميان، لكنه شرط كمال؛ لأن النظر في ملامح الوجوه، يعني إذا استوى من كل وجه الأعمى والمبصر المبصر أولى، إذا استوى من كل وجه، لكن قد يكون في الأعمى من الصفات ما يميزه على كثير من المبصرين، وحينئذٍ يرجح عليهم.
هذا يقول: أنا طالب في كلية الشريعة، وأخشى إن تخرجت أن أختار للقضاء، فما هي نصيحتكم لي؟