وعن ابن عمر وابن عباس -رضي الله تعالى عنهم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا يحل لرجلٍ مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فتقدم في الحديث الذي قبله تحريم العود في الهبة، وأن العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود على قيئه، وعرفنا أن الجمهور على تحريم هذا الفعل الشنيع وهو العود في الهبة، والسياق يقتضي ذلك، وأن من أهل العلم من فهم منه أنه يجوز العود في الهبة، وأنه لا إثم فيه بدليل أن الكلب غير مكلف فعوده في قيئه غير محرم عليه، وكذلك العود في الهبة غير محرم؛ لأن التشبيه يقتضي المشاركة بين المشبه والمشبه به، لكن السياق صريح في ذمّ العود في الهبة، والتمثيل إنما هو للتنفير والتحذير، وقد نهينا من مشابهة الحيوانات فيما هو أقل من ذلك، نهينا من افتراش السبع، وانبساط الكلب، وتدبيح الحمار، وبروك البعير، والتفات الثعلب، والشموس كشموس الخيل، المقصود أننا نهينا عن مشابهة الحيوانات فيما هو دون ذلك، فكيف نشابههم فيما هو أشنع أعمالهم، وهو العود في القيء، فدل ذلك على تحريم العود في الهبة، يستثنى من ذلك ما يهبه الرجل لولده، يعود عليه بلا إشكال، وهذا مستثنى في الحديث الذي معنا، حديث ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال، عندك قالا؟