"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) أخرجه مسلم".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في أبواب: صلاة التطوع:
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) " صلاة الليل تشمل قيام الليل وتشمل الوتر، وكون صلاة الليل أفضل من صلاة النهار تطوعاً؛ لأنه أقرب إلى الخشوع، وأهدأ وأسكن للقلب، وأبعد عن رؤية الناس، فالليل من طبيعته السكون والظلام والهدوء والبعد عن رؤية الآخرين، هذا الأصل في الليل أنه سكن، والناس فيه في الغالب نيام، وهذا لما كانت الناس على الفطر، أما الآن فالحاصل العكس، هو وقت الانتشار الآن، الليل وقت الانتشار بخلاف النهار، النهار مقسومٌ بين كون الناس في أعمالهم، وهذا وقت غفلة لمن لم يكن لديه عمل، وأيضاً بقية النهار يستغل في الهدوء والراحة بعد عناء العمل في أول النهار، ثم ينتشر الناس في الليل، وهذا على خلاف الأصل، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكره الحديث بعد صلاة العشاء، يكره النوم قبلها والحديث بعدها، فانقلبت حياة الناس فصار الانتشار في الليل، والهدوء والسكون في نصف النهار الثاني بعد نهاية الدوام.
فعلى طالب العلم أن يعنى بالرجوع إلى ما دلت عليه النصوص من كراهية الحديث بعد صلاة العشاء إلا إذا ترجحت المصلحة من علمٍ يفوت، أو مصلحة عامة تعم المسلمين، فالسمر في طلب العلم ترجم به الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه في أبواب العلم، وأهل العلم يقسمون ليلهم بين نوم ومطالعة وتصنيف وصلاة هذه حياتهم، وهذا دأبهم، وهذا ديدنهم.