نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قدم المدينة وجدهم يلعبون في يومين، فسألهم ما هذان اليومان؟ فذكروا أنهم كانوا في الجاهلية يتخذون هذين اليومين أيام سعة وفرح ومرح، فوجههم النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى يومين، وأن الله -جل وعلا- قد أبدل هذه الأمة بالعيدين المعروفين، الفطر والأضحى، وهما من أيام الفرح والسرور، أيام العيد أيام فرح وسرور، وقد نظر النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى من يلهو في هذا اليوم ويلعب، وقال:((لتعلم يهود أن في ديننا فسحة)) وديننا -ولله الحمد- فيه فسحة، هو دين تكاليف ودين عبودية لكن أيضاً فيه ما يعين على الاستجمام والترويح، لكن في حدود المباح، في حدود المباح، ولا يجوز الاسترسال في مثل هذه الأمور إلى أن يدخل الإنسان فيها في حيز التحريم؛ لأنها أيضاً .. ، وهما يومان للمرح والعب وفيهما فسحة إلا أنهما يوما شكر؛ لأنهما وقعا بعد عبادتين، بعد ركنين من أركان الإسلام، فالفطر وقع بعد الصيام، والأضحى وقع بعد الحج، وكلاهما ركن من أركان الإسلام، فالشكر أمر لا بد منه، وليس معنى أن الإنسان يتحرر من القيود الشريعة، ومن التكاليف ويتنصل عنها بترك الواجبات، ويتجاوز بفعل المحرمات هذا لا يجوز البتة، لكن باعتباره أنهى هذه العبادة بعد أن عاناها مدة، له أن يسترخي قليلاً، ويستجم أيضاً، ويوسع على أولاده لكن بحدود المباح، والدين فيه فسحة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- مع ما عرف عليه من شدة في العبادة، وتحري وتحقيق لمعنى العبودية كان -عليه الصلاة والسلام- يمزح، لكنه لا يقول إلا حقاً، فليقتدى به في هذا من غير استرسال ومن غير تعدي، ومن غير قربان لما حرمه الله -جل وعلا-، فعلى الإنسان أن يتوسط في أموره كلها، وإذا كان من أهل العزائم ومن يلزم العبادات ويريد أن يقصر نفسه على .. ، أيضاً في وقت الغفلة في مثل هذا اليوم يتعبد الله -جل وعلا-، لكن ليس له أن يلزم أهله وذويه ممن ليسوا في مرتبته ويحملهم على ما يحمل نفسه عليه؛ ليوسع على أولاده مثل الناس، فإنهم بشر يريدون ما يريده الناس، وكما ترون الأمة في كثير من تصرفاتها تعيش حالة انفلات، مجرد ما تنتهي العبادة يتوسعون في استعمال المباحات التي تجرهم