عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال:"انكسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى تنكشف)) متفق عليه.
وفي رواية للبخاري:((حتى تنجلي)) وللبخاري من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-: ((فصلوا ودعوا حتى يكشف ما بكم)) "
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة الكسوف" الكسوف: مصدر كسف يكسف كسوفاً، ويقال: كسفت الشمس بفتح الكاف، وتضم كُسفت وهو نادر كما يقال: انكسفت وخسفت وانخسفت، هذا بالنسبة للشمس يطلق فيها اللفظان: الكسوف والخسوف، وأما بالنسبة للقمر فثبت نسبة الخسوف للقمر في القرآن، وأما نسبة الكسوف إلى القمر فصرحوا بأنه لم يرد في هذا نص، إلا أنه إذا عطف على الشمس جاز إطلاق الكسوف عليه ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان)) لكن ما تقول: انكسف القمر، تقول: انكسفت الشمس، ولا تقول: انكسف القمر، وتقول: خسفت الشمس وخسف القمر للاثنين معاً.
صلاة الكسوف والأصل في الكسوف في اللغة: التغير إلى السواد، والخسوف: النقصان، هذا الأصل اللغوي، فالكسوف تغير في إحدى الآيتين الشمس أو القمر بذهاب نورهما أو بعضه، فالكسوف ذهاب لنور الشمس بالكلية أو لبعض نورها، وذهاب لنور القمر أو بعضه.
وهم يقررون إمكان معرفة وقت الكسوف بدقة من القدم، ما هو كلام جديد، المتقدمون من علماء الهيئة يثبتون أنه يدرك بالحساب، ويجزمون بهذا، ومنهم من يقول: إنه يمكن إدراكه على سبيل غلبة الظن لا جزماً، ومنهم من ينكر الإدراك بالكلية، ويقول: إنه من باب إدعاء معرفة ما في الغيب، ويرمون من يخبر عن ذلك قبل وقوعه بأنه يدعي معرفة الغيب، وعلى كل حال ثبت أنه يمكن إدراكه بالحساب، وليس في إدراكه بالحساب ما يخل بكونه آية من آيات الله يخوف بها عباده، ولذا شرعت هذه الصلاة.