يقول: عن بريدة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((المؤمن يموت بعرق الجبين)) وهذا عبارة عن ما يكابده المؤمن عند نزع روحه، فالمؤمن يكابد شدة عن نزع الروح، وذلك لما له من الأجر عند الله -جل وعلا- من عظم الأجر يكابد، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال له ابن مسعود: إنك توعك وعك شديد، قال:((أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم)) قال: ذلك أن لك أجرين؟ قال:((أجل)) فكلما زادت منزلة المرء عند الله -جل وعلا- زادت المشقة عليه ليعظم أجره، فالمؤمن يموت بعرق الجبين، فأثناء النزع يجد شدة والموت له سكرات، ومنهم من يرى أن تفسير الحديث أن المؤمن ينصب ويتعب في هذه الدنيا في طلب الحلال ليطعم الحلال ويشرب الحلال يلبس الحلال وينكح الحلال مع تعبه لدينه فهو يسعى جاهداً لما يرضي الله -جل وعلا- في أمر دينه ودنياه وأمر الدنيا إذا قترن بالنية الصالحة أجر عليه الإنسان، وصار من أمر الآخرة، يعني هذا الشخص الذي يلهث وراء الدنيا إما أن يكون عمله خالص للدنيا وهذا لا أجر له فيه إن سلم من وسائل الكسب المحرمة وسائل الصرف المحرمة لا له ولا عليه، لكن اقترن بذلك نية صالحة يريد بذلك إعفاف نفسه والإنفاق على من تحت يده والإنفاق في سبيل الله -جل وعلا- مثل هذا يؤجر ولو كد وتعب في تحصيل الدنيا لأنها انقلبت بالنية الصالحة إلى عبادة إضافة إلى ما يكابده لآخرته ويوجد من هذا النوع -ولله الحمد- جمع يوجد من يتعب في أمر الدنيا، وحصل منها من الأموال الطائلة، ومع ذلكم لم ينس الآخرة بل الآخرة هي عمله وهي همه، فديدنه مصحفه، وصيامه قيامه، مع ما فتح عليه من أمور الدنيا، فمثل هذا يكابد، لكن يكابد ليرضي الله -جل وعلا-، ومن الناس من يكابد ليل نهار ولم يحصل لا على خير الدنيا ولا على خير الآخرة، من الناس من يتعب لكسب الحرام وبإمكانه أن يصرف هذا الجهد لكسب الحلال فالذي يوفقه الله -جل وعلا- ويفتح له من أبواب الخير سواء كانت من أمور الدين أو الدنيا مع أن المسلم لا سيما من ينتسب إلى العلم ينبغي أن يكون همه الدين والدنيا تأتي تبع ووجه إلى ذلك ويفهم من قوله -جل وعلا-: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(٧٧) سورة