الناس، وكل له همه فمن الناس من كان همه في الدين ونصر الدين يردد هذا، من كان همه في الدنيا رددها، من كان همه في الأكل ردد الأكل إذا خرف، أدركت شخصاً من كبار السن من المسلمين كف بصره وصار يجلس في الشارع وكل من مر قال -يعني بلهجته-: من يراهن على دجاجة، يبي أحد يجيب له دجاجة يأكلها كاملة، هذا أيام كان الدجاج قليل جداً لا يوجد، فاستصحب هذا الأمر إلى أن خرف وصار يردد هذه الكلمة، بعد أن وسع الله على المسلمين وصار الدجاج يعني أكثر من التراب؛ لأنه عاش على هذا الأمر ومن عاش على ذكر الله ردد الذكر، ومن عاش على التلاوة ردد التلاوة وهكذا، والجزاء من جنس العمل، وتجد بعض من خرف .. أقول: بعض من خرف يُحجب عن الزائرين حتى أقرب الناس إليه لأنه يتكلم بكلام حقيقة يخجل السامع فضلاً عن القريب لماذا؟ لأنه كان يردده في حياته، وفرق بين من تدخل العناية المركزة في المستشفى وتجد شخصاً يقرأ القرآن، وأخر يؤذن، وثالث يلعن ويشتم ويسب من لا شعور هو ما يدري عن شيء، شيء مشاهد يعني، ومن أراد أن يعتبر ويدكر كما قال القرطبي في تفسير {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [(١) سورة التكاثر] يقول: من أراد الاعتبار والادكار يزور المقابر، يقول: إن كان مع كثرة زيارته للمقابر قد قل أثرها في نفسه وتأثيرها عليه فليحضر المحتضرين، يعني حال حال سبحان الله العظيم من شاهدها لا شك أنها تؤثر من في قلبه أدنى حياة، لكن الميت! مال لجرح بميت إيلام، قلب الميت ما في فائدة، ويشارك في التغسيل، ويحضر الجنائز، ومع ذلكم بعض الناس يشهد هذه المشاهد ولا تؤثر فيه شيئاً، لا شك أن كثرة الإمساس وكثرة معاناة هذه الأمور قد تخففها على النفس، لكن يبقى أنها لا بد من استحضار حال الإنسان في هذا الظرف، فمن استحضر حاله في هذا الظرف لا بد أن يتأثر، وعثمان -رضي الله عنه وأرضاه- إذا رأى القبر بكى بكاءً شديداً يقول: هذا أول منازل الآخرة إذا نجينا من هذا المنزل خلاص عتقنا، ويوجد الآن رأي العين من يدخن على شفير القبر موجود، وليس بشاب لا كهل نصف لحيته أبيض ويدخن على شفير القبر فضلاً عن من يبيع ويشتري ومواعيد ونكت في المقبرة فكل حالة لها لبوسها، والله المستعان.