يقول: فضج ناس من أهله لأنهم فهموا من كلامه -عليه الصلاة والسلام- أن الروح إذا قبض خلاص الرجل مات فهموا أن الرجل قد مات، كان قبل ذلك يرجى أن تعود له الروح، وأن تعود له الحياة، لكن قبضت الروح انتهى كل شيء، فضج ناس من أهله بالبكاء والأصوات، فقالوا:((لا تدعو على أنفسكم)) لأنه في الغالب أن الإنسان في هذه الحال مع شدة الفزع يدعو على نفسه بالهلاك أو بالبوار أو بأي شيء من شدة الفزع يصاحب ذلك شيء من الدعاء ((لا تدعو على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون)) أي من الدعاء، ثم قال:((اللهم اغفر لأبي سلمة)) ضج ناس من أهله البكاء على الميت جاء الخبر أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه تأتي الإشارة إليه، والمراد به، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، دعا له -عليه الصلاة والسلام-، اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، في بعض الألفاظ:((واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه)) وهنا اقتصر على قوله: ((اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقده)) وهذا الحديث في المسند وتعرض العلماء والشّراح والمفسرون لبيان حقيقة الروح لكن الأولى أن لا يتعرض لها، وكل من تكلم فيها فكلامه ضرب من الظن والتخمين؛ لأن الله -جل وعلا- قطع الطريق على من أراد أن يتلكم فيها ولم يجب من سأل عنها {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [(٨٥) سورة الإسراء] وانتهى الإشكال، وما كل ما يسمع الإنسان يقف على حقيقته، وما كل ما يبلغه يجيد فهمه أو يصل إلى كنهه، بل من الأمور مما لا بد أن يقف المسلم فيه عند حده، ولا يجوز له أن يسترسل فيها، وقد جاء الكف عن الاسترسال في الأسئلة، يعني الأسئلة التي يترتب بضعها على بعض، والشيطان يلقي على لسان الإنسان أسئلة تكون فيها شبهات، فإذا وصل الإنسان إلى هذا الحد عليه بالتسليم، وهناك شبه لا يمكن الجواب عنها، بل يقف العقل البشري حائر تجاهها، ولذا يخطأ في حق عوام الناس، في حق عوام المسلمين من يطلب المناظرة أمامهم في مسائل كبرى أو في قضايا قد يوجد شبة لا يستطيع المدافع أن يجيب عنها، فما موقف