فقولها: نهينا مرفوع على القول الصحيح، وصرحت بالناهي في بعض الروايات عند البخاري قالت: نهانا رسول -صلى الله عليه وسلم-، ومثل هذا إذا صُرح بالآمر يحتمل أن يكون موقوف أو مرفوع قطعاً؟ مرفوع قطعاً، لكن هل هو بمثابة قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تتبعوا الجنائز)) هذا النهي الصريح من لفظه -عليه الصلاة والسلام-، وقولها: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعبير منها، الجمهور أو الجماهير أنه لا فرق بين أن ينقل الصحابي اللفظ النبوي أو يعبر عنه فهما في دلالتهما على التحريم سيان، ينقل عن داود الظاهري وبعض المتكلمين أنه لا يدل على النهي، قول الصحابي: نهانا أو أمرنا لا يدل على النهي، يقول: لاحتمال أن يسمع كلاماً يظنه أمراً أو نهياً وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، لكن هذا كلام باطل؛ لأننا إذا لم نعتقد في الصحابة أنهم فهموا النصوص، يعني نشكك في نقل الشرع إلينا، فإذا كان الصحابة الذين عايشوا النبي -عليه الصلاة والسلام- وعاصروه وعرفوا موارده ومصادره ومقاصده، وهم العرب الأقحاح الذين فهمهم سالم من الشوائب إذا لم يعرفوا مدلولات الألفاظ من يعرفها بعدهم؟! يعرفها من اختلطت ثقافتهم بثقافة الأمم الأخرى، يعرفها ما لم يهتم بالدين كاهتمامهم، يعرفها من اختلط بغير العرب، كيف نعرف النصوص إذا لم يعرفها الصحابة؟! هذا قول باطل.
نهينا عن أتباع الجنائز، الأصل في النهي التحريم، ولم يعزم علينا، وهذا صارف من التحريم إلى الكراهة، وبهذا قال جمع من أهل العلم، ولم يعزم علينا، لكن الإتباع غير الزيارة، الزيارة ثبت فيها اللعن كما هو معروف، أما مجرد الإتباع الصلاة عليها مطلوبة من النساء كما هي مطلوبة من الرجال، ولها من الأجر مثل ما رتب للرجال، لكن الإتباع النساء منهيات عنه، وليس فيها أجر، بل هو مكروه كراهة عند الجمهور، أما الزيارة فمحرمة، نعم.
وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع)) متفق عليه.