والزكاة: أصلها النماء والتطهير، فبها يزكو المال، ويكثر وينمو، وبها يزكو صاحب المال، ويبارك له، وهي طهرة للمال ولصاحبه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [(١٠٣) سورة التوبة] يعني أصحاب الأموال، وزكاة الفطر طهرة للصائم، وزكاة المال طهرة لصاحب المال، وهي أيضاً نماء وزيادة في المال، وقد يقول قائل أن صاحب الألف إذا أدّى زكاته صار بعد أن كان ألفاً صار تسعمائة وخمسةً وسبعين، فأين الزيادة؟ وأين الزكاة؟ وأين النماء؟ هو نقص، وسيأتي الأمر بالاتجار في أموال الصبيان لئلا تأكلها الصدقة، أما من حيث الظاهر فالزكاة بحسم المقدار الواجب ينقص المجموع الكلي، هذا من حيث الظاهر؛ لكن في حقيقة الأمر وباطنه والواقع يشهد بذلك، الواقع يشهد بهذا أنها زيادة في المال، وترك الزكاة محق للمال، وذهاب لبركته، وكم من شخصٍ جمع الأموال، وشحّ بالواجب فذهبت أمواله سدى، ولم ينتفع بها، بل صارت وبالاً عليه والأمثلة على ذلك كثيرة، إذا عرفنا هذا، ومن المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، حتى لو كانت نقص، افترض أنها نقص، كما يدعيه بعضهم:"ما هي إلا جزية أو أخت الجزية" افترض أنها نقص هي قبل ذلك ركن من أركان الإسلام، في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في الصحيحين وغيرهما:((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة)) ركن من أركان الإسلام، يرى جمع من أهل العلم كفر مانع الزكاة، وهو قول معروف يشمله القول بكفر تارك أحد الأركان الخمسة، أما بالنسبة للشهادة محل إجماع أنه لا يدخل في الإسلام إلا إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأما بالنسبة للصلاة فدلت النصوص الصحيحة الصريحة على كفر تاركها، والصحابة لا يرون من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة، وأما بالنسبة للزكاة فقال بكفره، كفر مانعها بعض العلماء، ورواية في مذهب أحمد، انتصر لها بعض أصحابه ككفر تارك الصيام وترك الحج بل أولى؛ لأنها قرينة الصلاة، وقد قاتل أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- بالاتفاق مع الصحابة من منع الزكاة، قاتلوهم وأقسم أبو بكر -رضي الله تعالى