يقول: حيث أمره أن يعيد الوضوء ولم يقتصر على أمره بغسل ما تركه، وهذا عرفنا أنه أحد الاحتمالين، بل هناك بعض الروايات التي تفسر، بل جاء عن بعض أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدميه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعيد الوضوء والصلاة، وإسناده جيد كما قال الإمام أحمد، أمره أن يعيد الوضوء والصلاة، وإذا كان النص يحتمل أمرين، لا مرجح لأحدهما على الآخر من لفظ النص، نأتي بمرجح خارجي، وهذا الحديث نص مفسر لحديث الباب، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، دل على أن من فعل مثل هذا أنه يلزمه إعادة الوضوء كاملاً، وهو دليل قوي لمن يقول بوجوب الموالاة، إذ لو لم تكن الموالاة واجبة لكان يكفيه أن يغسل العضو الذي أخل بغسله، وما سبقه من الأعضاء غسله صحيح، ما سبقه من الأعضاء غسله صحيح، يعني غسل وجهه ويديه ومسح رأسه وبقيت إحدى قدميه أو كلتيهما لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، غسل الوجه واليدين ومسح الرأس صحيح، لو لم تكن الموالاة واجبة لما أمر بإعادة الوضوء، لما أمر بإعادة الوضوء، فهذا يستدل به من يقول بوجوب الموالاة.
ظاهر أو ضابط الموالاة عند من يقول بوجوبها ألا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله في الوقت المعتدل، لا في الوقت الذي هو شديد البرودة أو شديد الحرارة أو به ريح شديدة أو ما أشبه ذلك، إذا كان الوقت معتدل ثم تأخر غسل اليدين حتى نشف الوجه، فلا بد أن يعيد الوضوء من جديد، وهنا ما قيل له: ارجع فاغسل رجليك، قيل له: أعد الوضوء، أمر بإعادة الوضوء فدل على وجوب الموالاة، لكن لو قدر أن شخص ما زال في المواضئ لاحظت على رجله جزء يابس ما مسه الماء، تقول: اغسل رجليك، لماذا؟ لأن اليدين ما نشف اللي عليهم الوجه، فالموالاة حاصلة، أما لو بعد عن المكان ونشفت الأرض تقول: أعد الوضوء، ومن يقول بعدم وجوب الموالاة يقول: الآية مطلقة ما فيها نص على وجوب الموالاة، فيها نص على غسل هذه الأعضاء ولو تفرقت، ولو تفرقت لكن مثل هذا الحديث دليل كالصريح في إيجاب الموالاة.