للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في حديث معاذ ((أعلمهم أن الله قد فرض عليهم صدقة -وهي الزكاة- تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم)) فكونها صدقة الفطر لا يعني أنها مستحبة، وإن قال بعضهم بهذا، لكن عامة أهل العلم على أنها واجبة، وإضافتها إلى الفطر من باب إضافة المسبب إلى سببه، سببها الفطر من رمضان، ولذا صار وجوبها وقت الفطر من رمضان، غروب الشمس ليلة العيد، هذا وقت الوجوب وسبب الوجوب دخول الشهر، فعندنا سبب وجوب ووقت وجوب، ونستفيد من هذا تطبيق القاعدة التي ذكرها ابن رجب وغيره أنه إذا كان للعبادة وقت وجوب وسبب وجوب جاز تأخيرها عنهما، إجماعاً ولا يجوز تقديمها عليهما إجماعاً والخلاف فيما بينهم، فهذه الزكاة وقت وجوبها غروب الشمس، يجوز تقديمها على الوقت بيوم أو يومين وقد فعله الصحابة وذكره البخاري عنهم، ولا يجوز تقديمها أكثر من ذلك وإن قيل به، وتقديمها بين الوقت والسبب محل خلاف بين أهل العلم نظيره هدي المتعة والقران، سببه الإحرام الأول، سواءً كان بالعمرة أو الإحرام بالقران، ووقته وقت الأضحية بعد صلاة العيد، وما بينهما محل خلاف بين أهل العلم أجازه الشافعية وجمع من أهل العلم والمسألة والقاعدة بذيولها وفروعها موجودة في قواد ابن رجب، فسببها الفطر، لكن على تقعيدهم سببها الشروع في الصيام بدخول الشهر، ووقتها الفطر، وهم يقولون سببها الفطر، وذكرها ابن رجب من فروع تلك القاعدة، مريداً بالسبب دخول الشهر وبالوقت الفراغ من الصيام بخروج الشهر بغروب الشمس ليلة العيد، زكاة الفطر من رمضان.

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر، فرض عند الجمهور أوجب، وزعم بعضهم أن معنى فرض قدر، وعلى هذا لا يدل على الوجوب، والجمهور على أنه معنى فرض قدر، ولو جئنا إلى حديث ((فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقر في صلاة السفر وزيد في الحضر)) هل يحمل الجمهور فرضت على أوجبت أو على قدرت؟ قدرت والحنفية يقولون أوجبت، الألفاظ تنزل منازلها ويأتي الفرض ويراد به التقدير، ويأتي ويراد به الوجوب، وهو مرادف للوجوب عند الجمهور، والحنفية عندهم أن الفرض أقوى من الواجب، فالفرض عندهم ما ثبت بدليل قطعي، والواجب ما ثبت بدليل ظني.