قد يقول قائل: ماذا يقول الأئمة الكبار، نحن لا نقلد الذهبي، ولا نقلد ابن حجر، ولا نقلد العراقي، ولا نقلد ابن الصلاح، لنقول: إن زيادة الثقة مقبولة مطلقاً، ماذا عن الأئمة الكبار؟ الإمام أحمد، ابن معين، أبو حاتم، الدارقطني، هؤلاء مذهبهم كما تقدمت الإشارة إليه في تعارض الوقف والرفع والوصل والإرسال أنهم لا يحكمون بقاعدة مطردة، بل يتركون الحكم للقرائن، فإذا دلت القرائن على أن هذه اللفظة محفوظة، حكموا بصحتها، وإذا دلت القرائن على خلاف ذلك حكموا بضعفها، وتقدم التمثيل بحديث:((لا نكاح إلا بولي)) حكم الإمام البخاري بوصله، مع كون من أرسله كالجبل، كما يقول الحافظ العراقي، وحكم أبو حاتم وغيره بالإرسال، فعند الإمام البخاري دلت القرائن عنده على أن الوصل هو المحفوظ، وعند أبي حاتم دلت القرائن على أن الإرسال هو المحفوظ دون الوصل، وهكذا الأئمة يختلفون في مثل هذا اختلافاً كبيراً، ولا يحكمون بأحكام عامة مطردة.
حديث رفع اليدين بعد القيام من الركعتين، الإمام البخاري حكم بوصله، وخرجه في الصحيح، في الأصول معتمداً عليه، حديث ابن عمر، وأما الإمام أحمد فقد حكم بوقفه، هناك حكم برفعه وهنا حكم بوقفه، البخاري حكم برفعه، والإمام أحمد حكم بوقفه، ما موقف طالب العلم من مثل هذا الخلاف؟ ماذا يصنع طالب العلم في مثل هذه القضايا الكبار؟ هل نقول لطالب العلم: اترك قواعد المتأخرين فالعبرة بالمتقدمين، كما توجد هذه النداءات بقوة ...