((من لم يدع قول الزور)) يدع: فعل مضارع مستعمل والأمر مستعمل أيضاً، ((دع ما يريبك)) والمصدر مستعمل ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات)) أم الماضي (ودع) فقد أميت، كما نص على ذلك غير واحد من أئمة اللغة، أميت ماضيه واستغني عنه بتَرَكَ، قريء في الشواذ:(ما ودَعَك ربك) يعني ما تركك؛ لكنها قراءة شاذة.
((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة)) مفهومه أن من ترك هذه الأمور أن الله -جل وعلا وتعالى وتقدس- له حاجة في صيامه، والله -جل وعلا- هو الغني، ((يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً)) فلا شك أن المفهوم غير مراد.
((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))
هذه الأمور هل تبطل الصيام أو تذهب الأثر المترتب عليه؟ بمعنى أنه لا أجر له، صيامه غير مقبول، ولا يعني أنه غير صحيح بل يؤمر بإعادته، صيامه لا تترتب عليه آثار، بل على الإنسان أن يصوم الصيام الشرعي المورث للتقوى، أما الصيام الأجوف الشكلي الظاهري الذي يزاول صاحبه في أثناءه ما حرم الله -جل وعلا- هذا ليس بصيام، وإن كانت صورته صورة الصيام، وإن كان مجزئاً مسقطاً للطلب؛ لكن الآثار من أعظمها تقوى الله -جل وعلا-، ما ترتبت عليه، ولهذا مثل هذا الصيام وجوده كعدمه في حياة المسلم الصائم.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت:"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم؛ ولكنه كان أملككم لإربه" متفق عليه، واللفظ لمسلم، وزاد في رواية:"في رمضان".