وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)) [رواه مسلم]، حديث أبي أيوب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((من صام رمضان)) الشرط: من صام رمضان، فالذي لا يصوم رمضان لا ينفعه صيام الست، ومقتضى الشرط أنه لا بد من استكمال صيام رمضان قبل الست؛ لأنه قال:((ثم أتبعه)) يعني بعد صيام رمضان كاملاً يتبعه ستاً من شوال، فعلى هذا لا بد من أن يقضي ما أفطره في رمضان ثم بعد ذلك يتبعه الست، قد يقول قائل: وقد قيل: القضاء وقته موسع، وهذه الست وقتها مضيق، عليه خمسة أيام من رمضان أفطرها في سفر، ثم لما بقي ستة أيام من شوال بحيث لا تتسع إلا لهذه الست يقول: وقت القضاء إلى آخر شعبان، وهذه الست يفوت وقتها، مقتضى قوله -عليه الصلاة والسلام- ثم أتبعه أنه لا يتطوع بالست حتى يكمل رمضان، ثم يتبعه، وهذا قال به جمع من أهل العلم، وهو مقتضى ظاهر الحديث، ومنهم من يقول: الوقت موسع، لك أن تتطوع في الوقت الموسع، دخل وقت صلاة الظهر، كم وقت صلاة الظهر ثلاث ساعات، لك أن تصلي ما شئت قبل الفريضة؛ لكن التنظير غير مطابق، افترض المسألة في شخصٍ دخل عليه وقت الظهر وفي ذمته صلاة الفجر مثلاً، هل يتطوع قبل أن يصلي الفجر؟ لا، المقصود أن المسألة خلافية بين أهل العلم، وأكثر ما يستندون إليه فعل عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنه يكون عليها من رمضان ما تستطيع أن تقضيه إلا في شعبان لمكانة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويبعد أن تسمع مثل هذه النصوص يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية وعاشوراء ما تصوم عرفة ولا عاشوراء، يبعد أن لا تتطوع مثل هذه التطوعات، ومقتضى هذا أن تقدم مثل هذه التطوعات على القضاء، يعني ومن باب أولى صيام الست؛ لكن ظاهر الحديث يدل على أنه لا يصح التطوع قبل أن تؤدى الفريضة، وابن رجب ذكر هذه المسألة في قواعده، وذكر لها نظائر كثيرة، فليرجع إليها.