وعن الصماء بنت بسر -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم)) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، ظاهر النهي يتناول ما إذا أفرد بالصيام، وما إذا ضم إليه يوم آخر، لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فهو يشمل ما إذا أفرد، وما إذا صيم معه يوم آخر، وهو بهذا معارض بحديث جويرية، لما صامت الجمعة قال:((أتصومين غداً؟ )) يعني السبت، هذا دليل على جواز صيامه لكن مع الجمعة.
((فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب)) يعني القشر، سوق العنب، وخشبها اللحاء الذي يغطي القشرة، ((إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها)) ليفطر، وهذا من باب تأكيد الفطر، رواه الخمسة أصحاب السنن الأربعة وأحمد، ورجاله ثقات، نعم رجاله كلهم ثقات، قال: إلا أنه مضطرب، الحديث المضطرب: هو الذي يروى على أوجه مختلفة متساوية، فالحديث روي مرة عن الصماء، ومرة عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء، ومرة عن عبد الله بن بسر بدون ذكر للأخت، فهذا اختلاف؛ لكن هل مثل هذا الاختلاف مؤثر وعلة قادحة، مرة ترويه الصماء عن عائشة، ومرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة مع أن الصيغة التي معنا عن الصماء بنت بسر-رضي الله عنها- أن رسول -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا تصوموا)) محتملة للاتصال والانقطاع، وعلى كل حال لو قدر أنه عن عائشة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون مرسل صحابي، وهو مقبول عند عامة أهل العلم، فهذه العلة حقيقة ليست بمؤثرة، الاضطراب يمكن الترجيح بين الأوجه، ويمكن احتمال الأوجه، فلا تكون مختلفة حيث تكون متفقة فمرة يروى كذا، ومرة يروى كذا، فلا مانع، ولا تقدح بعض الروايات ببعض، وحينئذ يكون مقبولاً ولذا صححه جمع من أهل العلم؛ لأن رجاله ثقات، وقد أنكره مالك، نقل أبو داود في سننه عن الإمام مالك قال:"هذا كذب"، وقال أبو داود:"هو منسوخ" منسوخ بأيش؟ بحديث جويرية ((تصومين غداً)) دل على جواز صيام يوم السبت.