للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ليلة القدر وفيها السورة العظيمة: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [(١) سورة القدر] سميت بذلك لعظم قدرها وشرفها عند الله -جل وعلا-، أو لما يقدر فيها من أرزاق وآجال وأعمال، وعلى كل حال هي خير من ألف شهر، ليس فيها ليلة قدر، أكثر من ثمانين سنة لمن وفق فيها وأصابها وتحراها وقامها إيماناً واحتساباً، في الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) ولا شك أن فضلها عظيم من حرمها حرم الخير كله، فعلى الإنسان أن يحرص ويجتهد أن يصيب ليلة القدر، ولا يلزم أن ينظر في الأقوال ويرجح بينها حيث تكون عنده ليلة معينة فيتعمد قيام هذه الليلة ويترك ما عداها؛ لأن هذا يبعثه على الزهد في طاعة الله -جل وعلا-، وإذا قلنا: مثل هذا فهذا الكلام يسري على من أشاع في الناس أنها ليلة كذا اعتماداً على رؤى، والله أعلم بالرائي وكيف رأى؟ وكيف نام؟ علماً بأنها لو ثبتت عنده لا ينبغي أن يشيعها؛ لأن إخفائها له حكم عظيمة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي أراد أن يحدد هذه الليلة، أراد أن يخبرهم بعينها فتلاحى فلان وفلان فرفعت، ورفعها من مصلحة العباد، ليجتهدوا في جميع رمضان لا سيما في العشر الأواخر؛ لأنه لو قيل: أنها في الليلة المعينة، وقل مثل هذا في ساعة الجمعة وما جاء فيها من النصوص، لو عينت تلك الليلة ما قام الناس غالب الناس ما يقوم الليل، فيتعمدون قيام هذه الليلة ويتركون ما عداها، من قام ليالي العشر أصاب ليلة القدر بيقين لكن يحتاج أن يقومها إيماناً واحتساباً، وأن يحضر قلبه، لا يمثل بين يدي ربه بجسده دون قلبه، مثل هذا القيام لا تترتب آثاره عليه.