يقول: وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل العراق ذات عرق، رواه أبو داود والنسائي، وأصله عند مسلم من حديث جابر، هذا حديث عائشة، والثاني حديث جابر، هل يكون حديث جابر أصل لحديث عائشة، أو شاهد لحديث عائشة؟ ذكرنا مراراً أن الأصل يكون نفس الحديث، إلا أنه تتفاوت جمله، فهذه الجملة التي لها أصل، يعني الحديث مكون من جمل مثلاً، مخرج في الصحيح، أو يشتمل على بعض الجمل دون بعض، وجملة من هذا الحديث التي لم تخرج في الصحيح موجودة عند أبي داود وهناك خرجه أبو داود، وأصله في مسلم حديث واحد مكون من جمل؛ لكن حديث آخر حديث جابر غير حديث عائشة، فالتعبير بقوله: وأصله عند مسلم ليس بدقيق، إنما الأصل أن يقال: ويشهد له ما عند مسلم من حديث جابر، إلا أن الراوي شك برفعه، قال: وغالب ظني وأحسبه أن جابر -رضي الله عنه- رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، شك في رفعه، وفي صحيح البخاري أن عمر هو الذي وقت ذات عرق، ذات عرق مكان بينه وبين مكة مرحلتان، والعرق الجبل الصغير، وحديث الباب دليل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الذي وقت لأهل العراق ذات عرق، وفي حديث جابر ما يدل له إلا أن راويه شك في رفعه راويه عن جابر أبو الزبير المكي، شك في رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أحسب أو أظن أن جابر -رضي الله عنه- رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فشك في رفعه، ولولا هذا الشك لكان نصاً في الموضوع، وفي الصحيح، وهنا في السنن وهو أيضاً صحيح، ويشهد له حديث جابر، بعضهم يقول: كيف يوقت النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل العراق ذات عرق والعراق ما فتح أصلاً؟ والشام مفتوح وإلا ما فتح؟ مثل ما وقت لأهل الشام يوقت لأهل العراق، ولو لم تفتح، وهذا من دلائل نبوته -عليه الصلاة والسلام-، وفي صحيح البخاري أن عمر هو الذي وقت ذات عرق، ولا يمنع أن يخفى توقيت النبي -عليه الصلاة والسلام- على عمر، وعلى بعض الصحابة، ويطلب من عمر أن يوقت لأهل العراق، ويصيب اجتهاد عمر ما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفي ما يمنع؟ وموافقات عمر كثيرة، جاء الوحي مؤيد لكلامه، واجتهد اجتهادات نزل الوحي بموافقتها، وحكم النبي