عاد الصائل له حكم، لو صال غيره من الأمور التي ليس من أصلها، لو صال أدنى حيوان، وليس من عادته الأذى، الصائل له حكمه، فهذا العقور من وصفه أنه يصول ويهجم.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم"[متفق عليه].
الحديث تقدم في الصيام، احتجم وهو صائم، احتجم وهو محرم، تقدم الكلام فيه؛ لكن يهمنا هنا أن الحجامة بالنسبة للمحرم لا بأس بها؛ لكن إن تطلبت حلق الشعر حلق الشعر محظور من محظورات الإحرام، والمحظور إذا احتيج إليه يفعله من غير إثم؛ لكن مع فدية، بدليل الحديث الذي يليه، فمن احتاج إلى ارتكاب المحظور يرتفع عنه الإثم، وتبقى عليه الفدية، بخلاف من فعل المحظور من غير حاجة، عليه الفدية وعليه والإثم، يحتاج إلى لبس ثوب أو سراويل للتدفئة مثلاً يلبس ولا إثم؛ لكنه مع ذلك يلزمه الفدية، الحديث الذي يليه هو شارح للذي معنا؛ لأن الحجامة لا أثر لها في الأصل إلا باعتبار أنها أحياناً تطلب حلق الشعر، وإذا حلق الشعر للحاجة فدليلها هو حديث كعب بن عجرة الذي يليه.
وعن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال: "حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، فقال:((ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى، تجد شاة؟ )) قلت: لا، قال:((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع)) [متفق عليه].
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن كعب بن عجرة الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- قال: حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، فقال:((ما كنت أرى أظن الوجع بلغ بك ما أرى)) لكن هل القمل وجع وإلا سبب الوجع؟ وهنا يكون من باب إطلاق المسبب وإرادة السبب ((ما كنت أرى)) يعني أظن الوجع بلغ بك ما أرى، أتجد شاة؟ الوجع مع القمل، القمل هل هو وجع أو مسبب للوجع أو مسبب عن الوجع؟ يعني هل من الأمراض والأوجاع ما يوجد بسببه القمل، أو أن القمل يوجد ابتداء من غير مرض ولا وجع، ثم ينشأ عنه الوجع؟