((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: يا رسول الله، الحلق هو ما يكون بالموس بحيث لا يبقى شيء من الشعر، ولذا المكاين ولو كانت واحد، رقم واحد أو صفر ما دامت الجذور موجودة فهو تقصير، فالحلق إنما يكون بالموس، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال:((اللهم ارحم المحلقين)) ثم قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) وفي الثالثة قال: ((والمقصرين)) عطفاً على المحلقين، بعض الروايات دعا للمحلقين ثلاثاً، ثم قال:((والمقصرين)) المقصود أن الحلق والتقصير نسك واجب عند جماهير أهل العلم، يجب بتركه دم كسائر الواجبات، ومقتضى اللفظ العموم والشمول، فالحلق لجميع الرأس، والتقصير من جميعه، هذا هو المقتضى، كمسحه في الوضوء، ومنهم من يرى أنه يكفي قياساً على الوضوء حينما قالوا: إن الباء للتبعيض يمسح ما يطلق عليه مسح، منهم من حدده بالربع، ومنهم من حدده بأقل من ذلك، حتى قالوا: ثلاث شعرات، وقال بعضهم: شعرة؛ لكن هل يمكن أن يقال: لغة أو عرفاً أو شرعاً أن من حلق شعرة أو قصر شعرة أو ثلاث شعرات أنه محلق أو مقصر؟ لا يمكن، {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(٢٧) سورة الفتح] يعني جميع الشعر، هذا مقتضى اللفظ، والحلق والتقصير واجب من واجبات الحج والعمرة، أيضاً يجب على من تركه دم، بعض الناس ينسى فإذا طاف وسعى لبس ثيابه، ورجع إلى بلده، هذا انتهى وقته يلزمه دم؛ لكن لو ذكر ذلك وهو في مكة بعد ما لبس ثيابه ما عليه إلا أن يخلع الثياب ويلبس الإحرام ويحلق شعره، هذا بالنسبة للرجال، وأما النساء فليس عليهن حلق، إنما هو التقصير، تقصر من كل ظفيرة مقدار أنملة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.