أقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أذن للعباس أن يبيت بمكة من أجل السقاية، والسقاية نفعها عام، وأذن أيضاً -عليه الصلاة والسلام- للرعاة، رخص لهم -رعاة الإبل- في البيتوتة عن منى، يرمون يوم النحر إلى آخره، يدل على أن من يحتاجه الناس، من يحتاجه الناس أنه يرخص له، يعني في بعض المصالح والدوائر الحكومية فيها موظفون، ويذهبون إلى تلك الأماكن فترة الحج، ويكون عملهم مثلاً في عرفة، يوم عرفة؛ لكن ليلة مزدلفة يؤمرون بالذهاب إلى مكة لتصريف الطرقات، أو لحفظ الأمن، وقل مثل هذا في منى، مثل هؤلاء يرخص لهم؛ لأن السقاية ومثلها رعاية الإبل ليست بأعظم مصلحة من بعض المصالح الأخرى كحفظ الأمن مثلاً، أو تصريف الناس وتوجيههم، الذين يحفظون الأمن، ويسيرون الناس، ويسعون في راحتهم، وفي مصالحهم هؤلاء لا شك أنهم إن لم يكونوا أعظم من رعاة الإبل فليسوا دونهم؛ لكن هل لمن يفتي الناس مثلاً طالب علم، أو عالم اُنتدب لفتوى الناس وقيل له: أنت كرسيك بالحرم، لا بأس نمكنك من الوقوف بعرفة؛ لكن ليلة المزدلفة الناس ينزلون إلى الحرم ويطوفون، وليالي منى لا تخرج، هل يرخص لمثل هذا باعتبار أن الحاجة داعية لمثله؟ نعم؛ لكن الذي يفتي الناس، وهو إمام المفتين وين جلس؟ نعم، في المشاعر، في مزدلفة، وفي منى، وهو قدوة هؤلاء، قل مثلاً مثل هؤلاء الذين يذهبون إلى الحج، ويساهمون في توعية الناس، وتوجيههم وإفتائهم، هل لهم حكم السقاة؟ السقاية مرتبطة بمكان من زمزم، الرعاية لا بد أن يخرجوا عن منى؛ لئلا يضيقوا على الناس بالإبل، لا بد أن يخرجوا؛ لكن الفتوى؟ لا تلزم مكان معين، وإمام المفتين وجوده في المشاعر، إذاً من أراد، أو عين له مكان خارج منى مثلاً يلزمه في وقت المبيت أن يدخل، وليس حكمه حكم السقاية والرعاية.
طالب:. . . . . . . . .
هذا فرط في واجب، مادام تقرر أنه واجب، وأهل العلم يقررون ما جاء في خبر ابن عباس:((من ترك النسك فعليه دم)).