وعليها الفتنة فلا بأس أن تعمل بيدها، ويكون عملها خير لها.
((عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور)) "عمل الرجل بيده" وهذا يشمل الحرف سواء كانت زراعة، ويرجحها جمع من أهل العلم، أو صناعة وهي مرجحة عند فريق من العلماء، وهي مهنة داود -عليه السلام-، وغيرها من الأعمال، والنظر في المفاضلة بين هذه الأعمال من وجوه منها:
ما يتعلق بالعمال من صدق وإخلاص في نيته، في نفع نفسه ونفع غيره، في الأعمال المتعدية، يعني إذا كان الإنسان مزارع يأكل من كسب يده، وينوي بذلك التعفف عن السؤال، ونفع الآخرين، ويحتسب ما يفوت عليه من زراعته مما يأكله كل صاحب كبدٍ رطبة، هذا من أفضل المكاسب، الصناعة إذا كان يصنع بنية صالحة خالصة يعف نفسه عن تكفف الناس، ويصنع للناس ما يفيدهم وينفعهم هذا أيضاً من أفضل الأعمال، وقل مثل هذا في سائر الحرف، إلا ما جاء في وصفها أنها حرف دنيئة ووضيعة وخبيثة، الجزارة عمل الرجل بيده، ولكن باعتبار الجزار قد يلابس شيء من النجاسات أو غيرها صارت أوضع من غيرها، الحجامة كذلك، ومعنى كون كسب الحجام خبيث هل معنى أنه محرم فيدخل في قوله -جل وعلا-: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(١٥٧) سورة الأعراف] نعم؟ أو لا؟ ليس بمحرم وإنما مرتبته أقل ومنزلته دون؟ كما في قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(٢٦٧) سورة البقرة] الخبيث هذا محرم؟ يعني لو كان عندك طعام جيد وطعام أقل نعم رديء جداً مثلاً فيه سوس، لكن يوجد من ينظفه ويأكله، ويحتاج إليه أنت مأجور على التصدق به، لكن هو في مقابل الصدقة بالطيب دون، ولا يعني هذا أنه محرم، ما دام ينتفع به إنسان أو حيوان.
((عمل الرجل بيده)) عرفنا أن من أهل العلم من رجح الزراعة، ومنهم من رجح الصناعة، ومنهم من رجح حرف أخرى حسب انتفاع الناس بها، وما ورد فيها من نصوص، والذي رجحه ابن القيم والحافظ ابن حجر أن أفضل المكاسب الغنائم، وهي كسب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)) ولما في ذلك من إعلاء الدين وشأنه.