وهنا أمر علي هو مجرد التماس للمقداد، والمقداد كما سمعنا مولى، وكان تحته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو مولى.
"فأمرت المقداد أن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام-" عرفنا أنه في بعض الروايات المأمور عمار، وفي غير ذلك أن السائل هو علي -رضي الله عنه-، فالآمر بالشيء في حكم المباشر له، فالآمر بالشيء في حكم المباشر، حينما أمر المقداد أو أمر عمار لا يمنع أن يأمر المقداد، ثم يتأخر عليه برد الجواب يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم يأمر غيره، فبهذه تجتمع الروايات، وكونه هو السائل؛ لأنه أمر بالسؤال، وينسب الفعل إلى غير الفاعل الحقيقي لأدنى ملابسة، فيقال: فعل الأمير، ضرب الأمير، حفر الأمير بئراً، الأمير يباشر حفر الآبار؟ لا، إنما أمر بذلك، وهنا علي -رضي الله عنه- أمر فكأنه باشر السؤال "فسأله? فقال: ((فيه الوضوء)) " فدل على أن المذي ناقض من نواقض الوضوء، وهذا كغيره مما يخرج من السبيل المعتاد على ما تقدم كدم الاستحاضة والبول والغائط والريح، وألحق بذلك أهل العلم كل ما يخرج من المخرج المعتاد قل أو كثر ولو كان طاهراً.
((فيه الوضوء)) متفق عليه، واللفظ للبخاري" ولفظ مسلم: ((منه الوضوء)) يعني يجب منه الوضوء، يجب منه الوضوء.
ومناسبة ذكر الحديث للنواقض ظاهرة باعتبار أن هذا الماء الأبيض الرقيق ناقض للوضوء، فمنه الوضوء وفيه الوضوء، والمذي كما هو مقرر عند أهل العلم نجس، نجس لأنه مأمور بغسل الذكر منه، في رواية: "والأنثيين" أيضاً على ما سيأتي، في رواية أبي داود:((ثم يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ)) يغسل ذكره يعني كاملاً وأنثييه، والحكمة في ذلك أنه إذا باشرت هذه الرطوبة مع ما يصاحبها من برودة أنه يتقلص الذكر وينقطع هذا الخارج.
على كل حال المذي نجس للأمر بغسل الذكر منه، وهو ناقض، خروجه ناقض للوضوء.
"وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل بعض نسائه, ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ" أخرجه أحمد، وضعفه البخاري".