للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيود النهي: قيد جهور الفقهاء النهي عن بيع الحاضر للبادي بقيود وشروط شتى منها: أن يكون ما يقدم به البادي مما تعم الحاجة إليه، سواءً كان مطعوماً أو غير مطعوم، فما لا يحتاج إليه إلا نادراً لا يدخل تحت النهي، افترض أن مصنع المشروبات الغازية مثلاً ببسي وإلا سفن وإلا غيرها، وإلا ميرندا، احتكر قال: أنا هذه السنة ما أنا ببايع حتى يرتفع السعر، الناس بحاجة إلى هذه الأشياء؟ مثل التحف ليسوا بحاجة، بل لو منعت لكان أفضل للناس، الناس يعيشون بدونها، فهذا قيد لا شك أنه معتبر، وعرفنا بالأمس أن عمر -رضي الله تعالى عنه- يفرق بين ما يأخذه ممن يقدم البلد بالأموال، بين الحاجات الضرورية فيخفف العشور، وبين ما لا يحتاجه الناس فيزيد في العشور، وهذه سياسة من عمر شرعية، ما يستعمله الناس في حياتهم اليومية متفاوت تفاوت بين، هناك الضروريات، وهناك الحاجيات، وهناك الكماليات، فالضروريات هي محل هذا النهي، وهي أقوات الآدميين، وأقوات الدواب.

القيد الثاني: أن يكون قصد البادي البيع حالاً أو حالّاً، يعني يريد البادي أن يبيعها ويرجع، ما يقول البادي: أنا والله أبا استأجر لي محل، وأبيعها بالتدريج، حينئذٍ لا يختلف وضعه عن وضع الحاضر، فترتفع العلة.

يقول: وهو ما عبروا عنه بالبيع بسعر يومه، فلو كان قصده البيع على التدريج فسأله البلدي تفويض ذلك إليه فلا بأس به؛ لأنه لم يضر بالناس، ولا سبيل إلى منع المالك منه، يعني لو جاء البادي بسلعته إلى السوق وقال: أنا أبي استأجر محل وأبيعها بالتدريج، يمنع من هذا وإلا ما يمنع؟ ما يمنع، وهو في هذه الصورة لا يختلف عن الحاضر.

يقول: وهذان الشرطان للشافعية والحنابلة، وأن يكون البيع على التدريج بأغلى من بيعه حالاً أو حالّاً، كما استظهره بعض الشافعية، قالوا: لأنه إذا سأل الحضري أن يفوض له بيعه بسعر يومه على التدريج لم يحمله ذلك على موافقته، فلا يكون سبباً للتضييق، بخلاف ما إذا سأله.