للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: ظاهر كلام الأئمة أنه لا يجوز الشراء له إلا بالنقد لا بالسلع، ويش الفرق؟ لأن الشراء له بالنقد لا يختلف فيه الحاضر عن البادي، لكن لو ورد البادي بسلعة، جاء بسمن وأراد أن يشتري بهذا السمن طعاماً يصير مثل البيع، مثل البيع له؛ لأن الشراء له بهذه السلعة مثل بيعه بالدراهم.

وهو ممنوع مطلقاً على المعتمد كما تقدم، واستوجه هذا الدسوقي، ومذهب الشافعية متردد في التأثيم به أيضاً، يعني إذا قدم الإعرابي بدراهم يريد الشراء هو كالحاضر، ما في فرق، يتوكل عنه الحاضر، لكن لو ورد بسلعة يشتري بها سلعة أخرى، كما لو ورد لبيعها يتجه إليه النهي، ومذهب الشافعية متردد في التأثيم به أيضاً، فلو قدم من البدو من يريد الشراء فتعرض له من الحضر من يشتري له رخيصاً فابن يونس قال: هو حرام، بحث الأذرعي الجزم بالإثم، وله وجه كما قال ابن حجر، وهو القياس على البيع، قال الشرواني: وهو المعتمد، لكن قيده بأن يكون الثمن مما تعم الحاجة إليه، السلعة التي أوردها البادي ليشتري بها سلعة أخرى ليتجه إليها ما اشترط في البيع له، من كون السلعة مما يحتاجه الناس، والقول بالمنع نقله ابن هانئ أيضاً من الحنابلة، وله رواية معروفة عن الإمام أحمد، وجمع من المتأخرين اختاروا عدم الإثم في الشراء؛ لأن النص في البيع "لا يبع" أما يشتري له لا بأس، وفرقوا بين البيع والشراء للبدوي بأن الشراء غالباً بالنقد ولا تعم الحاجة إليه، لكن إذا كان الشراء بسلعة صار حكمه حكم البيع، أما ابن حجر فذهب مذهب التوفيق بين القولين، فحمل القول الأول بالإثم على ما إذا كان الشراء بمتاع تعم الحاجة إليه، وحمل القول بعدم الإثم على خلافه، وما إذا كان الشراء بمتاع لا تعم الحاجة إليه، ومذهب الحنابلة في الشراء للبادي أنه صحيح رواية واحدة، وذلك لأن النهي غير متناول للشراء بلفظه، وإن كان البيع من الأضداد، يطلق على البيع حقيقة، ويطلق على الشراء.