الوجه الأول: أن حديث طلق مؤكد ومقرر للأصل، وحديث بسرة مؤسس وناقل عن الأصل، وهو أيضاً من حيث الصناعة أرجح، وبسرة متأخرة في الإسلام عن طلق، منهم من قال: الحديثان صحيحان، الحديثان صحيحان، وحمل الأمر في حديث بسرة:((من مس ذكره فليتوضأ)) على الاستحباب، على الاستحباب، لماذا؟ لأن مس الذكر مظنة لخروج شيء، فيكون على سبيل الاستحباب يؤمر بالوضوء، وهذا قول مالك، وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية، يكون الأمر بقول:((فليتوضأ)) على سبيل الاستحباب، اللام لام الأمر والأمر هنا للاستحباب، والصارف له عن الوجوب إيش؟ حديث طلق، الصارف عن الوجوب، فعل المضارع إذا دخلت عليه لام الأمر صار مثل (افعل) كأنه قيل: إذا مسست ذكرك فتوضأ ((فليتوضأ)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب كما هو معروف {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [(٦٣) سورة النور] فالأصل في الأمر الوجوب، وهنا صُرف من الوجوب إلى الندب لقول مالك واختيار شيخ الإسلام لوجود الصارف وهو حديث طلق بن علي.
فإن قلنا بالترجيح حديث بسرة أرجح من وجوه، أرجح من وجوه: أولاً: من حيث الصناعة هو أرجح، لكثرة القوادح في حديث طلق، الأمر الثاني: أنه ناقل عن الأصل، وحديث طلق مبقي على الأصل والناقل أولى، حديث طلق مؤكد للبراءة الأصلية، وحديث بسرة مؤسس لحكم جديد والتأسيس أولى من التأكيد، وإذا قلنا وأردنا أن نجمع ولم نلجأ إلى الترجيح، وقلنا: هما على حد سواء كما يقول بعضهم، قلنا: إن الأمر في حديث بسرة إنما هو للاستحباب لا للوجوب، وهو وإن كان الأصل في الأمر الوجوب إلا أن حديث طلق بن علي يصرفه من الوجوب إلى الاستحباب.
((من مس ذكره فليتوضأ)) الأصل أن المس مباشرة البشرة للبشرة، والمقصود من مسه بيده، وإلا ما عدا اليد معروف أنه ليس بموضع أو محل للمسح، وهل يشترط في المس القصد أو لا يشترط؟ ((من مس ذكره)) (من)((من مس ذكره فليتوضأ)) هل يشترط أن يكون بقصد؟ نعم؟