"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((إذا تبايعتم بالعينة)) " العينة صورتها: أن يشتري شخص من أخر سلعة بأكثر مما تستحقه نقداً إلى أجل، يشتريها إلى أجل بثمن أكثر مما تستحقه نقداً، ثم يبيعها عليه بأقل مما اشتراها به، زيد يشتري من عمرو سيارة، وليس بمحتاج للسيارة، محتاج إلى قيمتها، يشتري زيد من عمرو سيارة بمائة ألف لمدة سنة، وهي حالّة لا تستحق أكثر من تسعين ألف، ثم يبيعها على صاحبه عمرو، زيد يشتري من عمرو بقيمة أكثر، ثم إن زيداً يبع على عمرو هذه السيارة بأقل من قيمتها نقداً، هذه التحايل فيها على الربا ظاهر، وهذه مسألة العينة؛ لأن البائع الأول رجع إليه عين ماله، والمشتري حصل على العين الذي هو المال، هذه مسألة العينة، لكن لو أن المشتري باعها على طرف ثالث، باع السيارة على طرف ثالث غير البائع الأول صارت مسألة التورق، مسألة التورق إذا كان البائع الأول يملك السلعة ملكاً تاماً ثم باعها بثمن مرتفع إلى أجل، والمشتري لا يحتاج إلى السلعة وإنما يحتاج إلى قيمتها فباعها على طرف ثالث، هذه مسألة التورق، وجماهير أهل العلم على جوازها للحاجة الدعية إليها، وأنه لا يوجد بديل عن الربا إلا السلم، ونادراً ما يوجد السلم، وقد لا يوجد، وقد لا يتيسر لكل أحد، إذاً لا حل لمشاكل الناس إلا بالتورق، ولذا عامة أهل العلم على جوازها، ابن عباس -رضي الله عنهما- وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية يرون أن مسألة التورق لا تختلف عن مسألة العينة، يعني كونه يبيع على البائع الأول أو على غيره لا فرق، وأنها لا تجوز، فهي حيلة على الربا لكن ما الذي يحل مشاكل المسلمين؟ افترضنا أن مسألة التورق لا تجوز وأنت بحاجة إلى دراهم، بحاجة إلى أن تتزوج، بحاجة إلى أن تشتري بيت، بحاجة إلى أن تشتري سيارة، بحاجة إلى نفقة ولم تجد من يقرضك ماذا تصنع؟ افترض المسألة في منع مسألة التورق، ما في حل لهذه المشكلة أبداً إلا التورق، ولذا القول بتجويزها هو المتجه، وهو قول عامة أهل العلم، وتختلف مسألة التورق عن مسألة العينة أن التورق تباع السلعة على طرف ثالث، وفي العينة تعود إلى الطرف الأول.