على كل حال الحديث مختلف فيه، والحافظ ابن حجر يقول:": أسوأ أحواله أن يكون حسناً لكثرة طرقه"، منهم من صححه كابن حبان، وحسنه الترمذي، وضعفه جمع من أهل العلم، فإذا وجد التصحيح من المتقدم والتضعيف من المتأخر أو العكس، عندنا الإمام أحمد في جهة، وابن حبان على ما عرف عنه من التساهل في جهة، هذا مصحح وهذا مضعف، الإمام أحمد موصوف بالاعتدال، من الأئمة المعتدلين في نقد الأحاديث، وجرح الرجال، إذا وجد كلام للإمام أحمد ويقابله كلام لهؤلاء المتساهلين لا شك أن كلام الإمام أرجح، لا سيما وأن كلام الإمام أحمد يساعده الأصل ((من غسل ميتاً فليغتسل)) ((من غسل ميتاً فليغتسل)) والمسلم طاهر، لا ينجس بالموت كما هو معروف ((من حمله فليتوضأ)) ففي أحد من أهل العلم يوجب الوضوء من حمل الميت؟ لا يعلم أحد من أهل العلم يوجبه، لكن إذا صح الخبر فلا مفر من العمل به، لكن إطباق الأئمة على عدم العمل به في جزئه الثاني يدل على أنه لا يثبت كما قال الإمام أحمد، وإن كثرت طرقه، نعم كثرت الطرق تدل على أن له أصل، لكن لا يجزم به ((من غسل ميتاً فليغتسل)) هذا صريح في الأمر بالغسل، ((ومن حمله فليتوضأ)) يعني ما المراد بحمل الميت؟ هل حمله بالسرير ينقض الوضوء؟ يعني شخص حمل مع الناس الميت بسريره، أو حمله من وراء الأكفان، أو باشره بغير واسطة مس جلده يؤمر بالوضوء؟ على كل لو ثبت الخبر لا مجال للكلام، لكن أما والخلاف فيه قوي كما سمعتم، فللنظر فيه مجال يحتاج إلى ترجيح، ما دام الاختلاف قائم في ثبوته وعدم ثبوته فالنظر له مجال هنا، متى يلغى النظر؟ إذا ثبت الخبر، فليس لأحد كلام، لكن الخبر هنا لم يثبت فالكلام هنا قائم، نقول: جسد الميت طاهر، فكيف يوجب الغسل لتغسيله؟ وبدنه أيضاً طاهر فكيف يوجب الوضوء بحمله؟ قد يقول قائل: إن هذا تعبد، تعبد لا تعقل علته، وهذا يحتاج إليه من يثبت الخبر، يحتاج إليه من يثبت الخبر.