"وعن قبيصة بن مخارق –الهلالي- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المسألة لا تحل)) " يعني لأحد كائناً من كان إلا ما استثني، فالاستثناء من عموم الأحوال، وهذا الحديث مخرج في صحيح مسلم، وسبق تخريجه في باب: قسم الصدقات، وهناك محله وموضعه، لكن هنا في الرجل الذي تحمل الحمالة، والذي أصابته الفاقة والجائحة، هؤلاء ممن يستحقون الحجر لمصلحتهم، ولمصلحة غيرهم، ولذا كرره المؤلف في هذا الباب للمناسبة.
((إن المسألة لا تحل)) يعني لأحد كائناً من كان ((إلا لأحد ثلاثة)) أولهم ((رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك)) الحمالة هي المال الذي يتحمله الإنسان عن غيره، فإذا غرم الإنسان لمصلحة غيره حلت له الزكاة، وقد جاء التنصيص عليه في آية مصارف الزكاة ((تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها)) فقط بقدر ما تحمل، ((ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله)) استأصلت جميع ما عنده ((فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش)) أو سداداً عيش، يعني يصيب ما يكفيه من النفقة والقوت والسكنى من الأمور الأصلية الضرورية ((ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه)) ثلاثة من ذوي الحجى، ثلاثة من الثقات العدول الأثبات، أصحاب العقول، الذين يقبل قولهم في مثل هذا ((لقد أصابت فلاناً فاقة)) شدة وعوز وفقر شديد ((فحلت له المسألة)) ثلاثة! نعرف أن الشهادة في الزنا أربعة، وفي القتل كم؟ اثنين، وفي البيوع اثنين، وفي الأموال كلها اثنين، أو رجل وامرأتان، فشهادة اثنين كافية، هنا قال:"ثلاثة" وحمله أهل العلم على من كان ظاهره الغنى، يعني لو جاء فقير ظاهره الفقر هذا يحتاج إلى شهادة؟ ما يحتاج إلى شهادة، لكن لو جاءنا شخص ظاهره الغنى وتصرفاته تصرفات الأغنياء هذا ما يعطى؛ لأن الظاهر يدل على أنه لا يستحق الزكاة، لكن إذا شهد له ثلاثة على خلاف ظاهره أنه محتاج، وأنه أهل للزكاة حينئذٍ يعطى من الزكاة، وتحل له المسألة.