للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"رواه الترمذي وصححه، وأنكروا عليه؛ لأنه من رواية كثير بن عبد الله عمرو بن عوف، وهو ضعيف، وكأنه اعتبره بكثرة طرقه" وهذا اعتذار من الحافظ للإمام الترمذي، وقد صححه ابن حبان من حديث أبي هريرة، فله شاهد من حديث أبي هريرة، ولذا يثبته أهل العلم بهذا الشاهد.

الصلح على الإنكار، منهم من يجيزه وهو مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة، ويمنعه الشافعي، لا يصح الصلح على الإنكار، معنى هذا أنه لو أدعى زيد على عمرو قال: عنده لي مبلغ من المال ألف ريال مثلاً، وقال عمرو: أبداً ليس بصحيح، ثم قال الشيخ .. ، توسط بينهما القاضي وقال: لعلك تدفع خمسمائة ويترك خمسمائة وتصلحون، هذا صلح، فقبل الطرفان، يجوز وإلا ما يجوز؟ أجازه الأئمة الثلاثة، ونفاه وأنكره الإمام الشافعي، يقول: لا يجوز؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون له ألف بالفعل فلا يجوز نقصه، أو لا يكون له شيء فلا يجوز له أن يأخذ شيئاً، والمسألة تحتاج إلى شيء من التفصيل، إن كان المدعي يجزم بأن له حقاً عند خصمه هذا مبلغه يجوز له أن يأخذه ويصالح، ويترك بعض حقه لتحصيل الباقي، هذا بالنسبة للمدعي إذا كان يجزم بأن له حق يأخذ ما تيسر له، وما صُولح عليه، لكن الطرف الثاني إن كان يجزم بأنه مدين لزيد بألف ريال لا يجوز له أن يترك ريالاً واحداً، وإذا كان لا يجزم أو يجزم بأنه سدده، سدد هذا المبلغ، فله أن يدفع ما يفدي به نفسه شر النزاع والخصام والتعب، فلكل من الخصمين ما يخصه، أما شخص يعلم أنه ليس له دين على فلان، ويدعي ديناً ثم يطلب المصالحة لا يجوز له أن يأخذ ولا ريال واحد، وكذلك الطرف الثاني إذا كان يجزم أنه مدين له بألف ريال لزيد، لا يجوز له أن يترك ولا ريال واحد، ويكون هذا قبل بيان الحكم، أما إذا تبين الحكم وحكم القاضي بأن له أو ليس له فحينئذٍ جمع من أهل العلم يرون أنه بعد بيان الحكم لا صلح، ومنهم من قال: إنه يمكن الصلح، يعني إذا حكم لزيد على عمرو بالألف ببينة ليست كالشمس مثلاً، يعتريها ما يعتريها، أو حكم بعدم ثبوت الدين مع احتمال أنه ثابت لعدم البينة عند المدعي، بعد صدور الحكم، واقتنعوا في الصلح لا يوجد ما يمنع من ذلك، نعم.