ما علته؟ عرفنا أنه رواه مالك من طريق عبد الله بن أبي بكر عن أبيه مرسلاً، وصله النسائي والدارقطني وابن حبان عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، حينئذٍ يكون موصول، لكنه معلول فيه علة، علته أنه من رواية من؟ سليمان بن داود، قالوا: وهو متفق على تركه كما قال ابن حزم، ابن حزم يقول: هو من رواية سليمان بن داود، وهو متفق على تركه، ويشترك في هذا الاسم اثنان، سليمان بن داود اليماني، وسليمان بن داود الخولان، الأول: متفق على تركه، والثاني: ثقة عند الأكثر، وهو من رواية الثاني دون الأول فارتفعت العلة، ولذا تلقاه الناس بالقبول، تلقاه الناس بالقبول، يقول ابن عبد البر: إنه أشبه بالمتواتر لتلقي الناس بالقبول، وابن حجر وغيره يقولون: إن تلقي الأمة للخبر بالقبول أقوى من مجرد كثرة الطرق، فالحديث متلقاً بالقبول.
((ألا يمس القرآن إلا طاهر)) ففيه دليل على أنه لا يجوز لمحدث أن يمس القرآن، على أن الطهارة تطلق فيراد بها الحسية ويراد بها المعنوية، هل المقصود الطهارة من الحدث أو الطهارة من الخبث الحسي أو المعنوي؟ لا شك أن الطهارة إذا أطلقت يراد بها الطهارة الشرعية، والطهارة الشرعية إما غسل بالنسبة للحدث الأكبر أو وضوء بالنسبة للحدث الأصغر، أو تيمم لعادم الماء، فعلى هذا المتجه أنه لا يجوز لمحدث أن يمس القرآن، وهو الظاهر من هذا الحديث، وقد عرفنا أنه متلقاً بالقبول فقال ابن عبد البر:"إنه أشبه المتواتر" يعني لتلقي الأمة له بالقبول.
أما ما جاء في قوله تعالى:{فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ* لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(٧٨ - ٧٩) سورة الواقعة] فالمراد به الضمير يعود للكتاب المكنون، الذي ذكر في صدر الآية، في اللوح المحفوظ، والمطهرون هم الملائكة، هذا ما يراه جمع أو أكثر أهل العلم، مع أن الآية يستدل بها بل يستدل بعمومها من يقول: بأنه لا يجوز للمحدث أن يمس القرآن، فإذا تظافرت دلالة الآية مع الحديث حديث الباب وعرفنا أنه قوي، رجح قول من يمنع المحدث من مس القرآن إلا بعد الطهارة، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- استدل على جواز مس المصحف من وراء حال بأي شيء؟ هاه؟