"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه" المصنف إنما ذكر الحديث لئلا يتوهم أن نواقض الوضوء مانعة من ذكر الله -عز وجل-، لئلا يتوهم أن نواقض الوضوء التي ذكرت مانعة من الذكر، وجاء في آخر سورة آل عمران {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(١٩١) سورة آل عمران] يعني على كل حال وعلى كل هيئة، قائم، قاعد، مضطجع، يمشي، جالس، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(١٩١) سورة آل عمران] لا شك أن الأكمل أن يهتم الإنسان لمثل هذا الذكر، لمثل هذا القرآن، ولذا المعروف عن الإمام مالك -رحمة الله عليه- أنه يعتني برواية الحديث، يتنظف، ويتطيب، يغتسل، يلبس أجود ثيابه، ويجلس بهيبة ووقار، يتطيب إجلالاً لكلام الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن مثل هذا من تعظيم شعائر الله، وهي من تقوى القلوب كما هو معروف، والقرآن من باب أولى، لكن إذا كان المفاضلة بين الاضطجاع والجلوس فالجلوس أكمل، لكن المفاضلة بين الاضطجاع والترك القراءة مضطجع أفضل من الترك، ولذا جاء المدح {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(١٩١) سورة آل عمران] والرسول -عليه الصلاة والسلام- يذكر الله على كل أحيانه، محدثاً أو متطهراً.
هناك حالات ينبغي أن يصان الذكر عنها في أماكن لا تليق، وفي أحوال لا تنبغي: الذكر حال التثاؤب مثلاً، ينبغي أن يكف الإنسان عن الذكر ويكظم، ثم بعد ذلك يعود إلى ذكر، وبعض الناس وهو يقرأ القرآن يتثاءب فيسمع صوته غير المناسب، والتثاؤب من الشيطان، هذا لا يليق بقارئ القرآن أن يقرأ وهو يتثاءب، كما أنه لا يليق به أن يقرأ به في المواضع التي هي غير مناسبة كحال الغائط والبول والجماع وما أشبه ذلك، أيضاً في الأماكن: أماكن السخط، أماكن الغضب.