"وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قل الحق ولو كان مراً)) صححه ابن حبان" يعني رواه ابن حبان في صحيحه، وأخرجه أحمد والبيهقي، وهو حديث صحيح، وفيه جمل اقتصر المؤلف منه على موضع الشاهد، ((قل الحق ولو كان مراً)) يعني قل الحق على نفسك وعلى غيرك ولو ترتب عليه ما ترتب، فالحق لا بد من بيانه، ولذا يعترف الإنسان على نفسه، ويشهد على غيره، لا يجوز له أن يكتم الشهادة، فعليه أن يقول الحق ولو ناله ما ناله، اللهم إلا إذا كان يتضرر بقوله ضرراً بالغاً فمثل هذا فيه مندوحة، في الحديث:"أوصاني خليلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أنظر إلى من هو أسفل مني، ولا أنظر إلى من هو فوقي" يعني في أمور الدنيا، وجاء الأمر بذلك في الصحيح -في صحيح البخاري-: ((انظروا إلى من هو دونكم فإنه أحرى أن لا تزدروا نعمة الله عليكم)) إذا نظر الإنسان إلى من دونه شكر الله -جل وعلا- على نعمه، أما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو فوقه مثل هذا لا يشكر نعمة الله عليه، يقال: والله أحمد ربك أنت عندك بيت، قال: وش بيت خمسمائة متر، شوف زميلي عنده ألف متر، لكن هو ما ينظر إلى من يسكن تحت جدار هو وأسرته، موجود الآن، أسرة مكونة من عشرين شخص تسكن تحت جدار، ما عندهم ولا معشاش، ما ينظر إلى مثل هؤلاء ليشكر نعمة الله عليه، تقول له: انظر يا أخي عافاك الله ما فيك مرض ولا فيك كذا ولا فيك كذا، يقول: بس شوف زميلي يسحب السيارة، مثل هذا يشكر نعمة الله عليه! هذا يزدري نعمة الله عليه, تقول: شوف يا أخي أنت يسر الله لك وظيفة ومعاش طيب، وعندك أسرة وكذا، يقول لك: شوف زميلي الآن يملك الأرصدة في الملوك، هذا لا يشكر نعمة الله عليه، بل يزدري نعمة الله عليه، لكن بالعكس لو قيل له مثلاً: وراك ما تطلع من هذا البيت، بيت حسرة أربعمائة متر، الناس طلعوا للقصور والاستراحات، قال: يا أخي شوف الناس الذين يعيشون بالعشش، مثل هذا يشكر نعمة الله عليه، وهذا مطرد في أمور الدنيا، لكن أمور الآخرة العكس، العكس ينظر إلى من فوقه لا من دونه، إذا قيل له: يا أخي ما شاء الله عليك أنت تجي قبل الإقامة، لكن يقول: شوف زملائي يجون قبل الآذان،