"وأن أحب المساكين، وأن أدنو منهم" لأنهم بهم تعرف نعمة الله عليك، ولا تفتن بدنياهم، بينما إذا قربت من العلية تزدري نعمة الله عليك من جهة، وتفتن بدنياهم، وتنشغل بها.
"وأن أصل رحمي وإن قطعوني وجفوني" ليس الواصل بالمكافئ، وإنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها، وجاء من يشكو قراباته وقال: إن له قرابة يصلهم ويقطعونه، ويحسن إليهم ويسيئون إليه، فذكر له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن كان الأمر كما تقول فكأنما تسفهم الماء)) وصلة الرحم شأنها عظيم، وفي ذروتها بر الوالدين، ثم صلة الأقارب الأقرب فالأقرب.
"وأن أقول الحق ولو كان مراً" وهنا في الحديث قال: ((قل الحق ولو كان مراً)) أوصاني أن أقول، يعني قل المعنى واحد "وأن أقول الحق ولو كان مراً" يعني ولو ترتب عليه المرارة، والمراد بالمرارة هنا المرارة المعنوية، وهي ما تكرهه النفس وتأباه.
"وأن لا أخاف في الله لومة لائم" إذا كان أمره لله، مخلصاً لله في ذلك لا يهمه كلام الناس، لا يعبأ بكلام الناس، ولو لاموه على ما يقربه إلى الله -جل وعلا-.
"وأن لا أسال أحداً شيئاً"(شيئاً) نكرة في سياق النفي فتعم كل شيء صغير وكبير، والمراد بذلك من أمور الدنيا، أما أمور الآخرة فقد جاء الأمر بالسؤال {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(٤٣) سورة النحل] العلم وما يتعلق به يُسأل.
"وأن استكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة" الكنز في الأصل ما يطمر ويدفن تحت الأرض لأهميته ونفاسته، يخشى عليه، فلأهميته ونفاسته يكنز ويدخر ويطمر ويدفن تحت الأرض، فإذا كانت الجنة ترابها الظاهر الذي يداس المسك الأذفر، فيكف بكنزها؟! فليحرص الإنسان وطالب العلم على وجه الخصوص بها، يحرص على هذه الوصايا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.