كم من شخص مكث الساعات وهو يجاهد نفسه ليتوضأ، وهذا السبب .. ، سببه الوحيد أنه أجاب الشيطان فيما طلب منه، "إنك أحدثت" وافقه على ما قال ولم يتخذه عدواً، وفي الغالب أنه يقع مثل هذا إذا كان هناك زيادة في الحرص مع الجهل، مع الجهل، كم من شخص قيل له: صلي على وضعك، على حالك، وقد طرق علي الباب شخص في الساعة الثامنة في الشتاء الثامنة صباحاً في الشتاء قال: إنه لم يستطع أن يصلي العشاء إلى الآن، كم بين الثامنة وصلاة العشاء؟ كم؟ لم يستطع صلاة العشاء، إذا غسل فرجه قال: ما نظفت، أعاد ثانية ثالثة وعاشرة ومائة، إذا غسل وجهه قال: لعله جاءه رشاش، جاءه شيء، أعاد، إذا غسل يده كذلك، مسح رأسه، إذا مسك الباب قال: تنجست، إذا فعل إذا ترك، وقد جاءني هذا الشخص قال: إنه فاتته الصلاة وهو لا يستطيع أن يصلي بمفرده، فقال: لعلك تصلي بي صلاة المغرب، قلت: لا بأس، لكن لا بد أن تعالج نفسك؟ قال: خلاص أنا بصلي، كبرنا للإحرام فجلس وتركني، لماذا؟ الصلاة في المسجد، أصلي به في المسجد، إذا أمامه الثلاثة الأجزاء الأخيرة من القرآن مكتوب عليها العشر الأخير، نعم، يقول: رأيت الأخير وأنا أصلي المغرب فاختلط علي الأمر، أنا أصلي الأخير وإلا المغرب، فجلس، قلت: يا أخي صلِ على حالك، قال: ما نويت قلت: لا تنوِ، قال: ما اكتملت الطهارة، قلت: لا تتطهر، قال: أنا مجنون، قلت: شبيه بالجنون، بل يمكن أشد من الجنون، صلاة العشاء في الشتاء كم؟ الساعة كم؟ سبع؟ نعم؟
طالب: سبعة، سبعة ونصف.
سبع، إلى الساعة الثامنة صباحاً وهو يعالج كل الليل خمسة عشر ساعة كم؟ ثلاثة عشر ساعة وهو يحاول يصلي العشاء ما استطاع، ترك الوظيفة بسبب الوضوء لصلاة الظهر، ترك العمل، ترك ارتباطاته، ترك أسرته، هذا الجنون، وسببه الاسترسال مع مطالب الشيطان، الشيطان لا يزال بابن آدم يغويه ليصرفه عن دينه بالكيلة، إن سهل عليه جره عن الدين وانسلاخه منه بها ونعمت، وإلا دفعه إلى الأمام، وكلاهما مذموم، وكل هذا من الاستجابة لمطالب الشيطان ووساوسه، نسأل الله -جل وعلا- أن يعصمنا منه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.