((من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته)) هل يستوي الزارع قصداً والزارع جهلاً؟ هذا زرع بأرض قوم ويعرف بأن الأرض ليست له، وأنها لهؤلاء القوم، والآخر زرع في الأرض حرثها وزرعها يظنها أرضه، يظن هذه الأرض أرضه، وقل في مثل هذا في عمارة الأرض، جاء ليطبق الأرض فأخطاء فطبق الصك على أرض جاره، وعمرها وجاره ما يدري، يظنها لجاره، فلما انتهت العمارة وجاء التطبيق الحقيقي وجدت أرض الجار وأرضه بياض، ماذا نقول؟ يهدم الأرض أو يأخذ جاره أرضه بما بينهما من فرق؟ وإذا رفض الجار قال: لا أريد إلا أرضي ماذا يصنع؟ تقوم عليه العمارة أو تكون هدر أو تهدم؟ وهذا حاصل، حصلت، فما الصنيع؟ هنا يقول:((من زرع في أرض قوم من غير إذنهم فليس له من الزرع شيء)) يعني من عمر ليس له من العمارة شيء ((وله نفقته)) أنفق على هذا الزرع والحب والماء والعمل يقوم هذا، افترضنا أن هذا الزرع مغله مائة ألف، ونفقته على هذا الزرع خمسين ألف، يستحق النفقة خمسين، وهذا ماشي في الزرع؛ لأن الربح يكون فيه ظاهر، في الغالب أن قيمة الزرع أكثر مما يتعب عليه في الغالب، لكن إذا عمر في هذه الأرض كلفته العمارة خمسمائة ألف، ثم صاحب الأرض الحقيقي لما دخل التخطيط ما يناسبه، هل نقول: ادفع الخمسمائة والعمارة لك، يقول: التخطيط ما يناسبني البتة، فهل يقال: مثل الزرع له نفقته ما أنفق على هذه العمارة وليس له غير ذلك؟ والعمارة لصاحب الأرض أو يختلف الأمر؟ وقد يكون المبلغ أقل لو تولاها صاحب الأرض، يقول: أنا لو عمرتها ما كانت ولا ثلاثمائة ألف، كيف أدفع خمسمائة والتخطيط لا يناسبني؟ فهل يقال: له ما أنفق ولك العمارة مثل ما لصاحب الزرع أم ماذا نقول؟