للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الهدية التي تقدم للمهدى لا شك أنها سبب في تقوية الصلة، وفي حصول المودة، ولن تدخلوا الجنة حتى تحابوا ((ألا أخبركم بشيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم)) فهذه أقل الأحوال أن تبذل السلام على من لقيت سواءً عرفته أو لم تعرفه، فتكون محبوباً بين العباد، إذا زاد الأمر وبذلت مع السلام هدية لزيد من الناس فإن مودتك تقر في قلبه، والحديث الذي سيأتي أن هذه الهدية ولو كانت يسيرة فإنها تنفع، ولا يجوز ازدراؤها ولا احتقارها، فلو أهدى شخص لآخر مسواك فتقبل هذه الهدية، كما كان هديه -عليه الصلاة والسلام- أنه يقبل الهدية ويشكره عليها، ولا منّة له عليه سواء كان قريباً أو بعيداً، وواحد من الكبار من أهل العلم الكبار قابله شخص فأهدى إليه مسواك، لكنه مائل، وقد قدّم لهذه الهدية بمقدمات عدة مرات كل ما لقيه عندي لك هدية، لقيه من الغد عندي لك هدية، عندي لك هدية، كم مرة يقول له عندي لك هدية! فلما لقيه في يوم من الأيام أعطاه المسواك، فإذا به مائل، فجعل في نفسه وش هذه الهدية التي وعدني بها مراراً؟ وذكرني بها مراراً، عندي لك هدية، يا فلان عندي لك هدية، فلما قال في نفسه، زور في نفسه هذا الكلام عاد إلى نفسه مرةً أخرى فقال: على كل حال هو محسن، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ دعا له، ثم عاد إلى نفسه مرةً ثانية يقرعها ويلومها، الله -جل وعلا- أحسن علينا، وأنعم علينا بنعم عظيمة، ووهبنا المنح الجزيلة، ونعم لا تعد ولا تحصى، ومع ذلك نعبده على وجهٍ قد يرضيه أحياناً، وقد لا يرضيه أحياناً، فعباداتنا مثل هذا المسواك فيها عوج، بعض المواقف تؤثر في الإنسان وهي يسيرة، لكن مع التفكر مع التأمل مع التدبر، وإلا إيش المانع أنه لما أعطاه المسواك الأعوج الذي وعده به مراراً أنه يرميه عليه! ويقول له: ما تستحي تقدم هذا المسواك المائل الأعوج بعد وعود، وبالفعل المهدى إليه شخص كبير ما هو بإنسان عادي يعني من أهل العلم الكبار، لكنه عادت عليه هذه الهدية بالنفع العظيم، يعني حاسب نفسه بالفعل، يقول: هذا محسن، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ جزاك الله خيراً انتهى الإشكال، ثم عاد إلى نفسه يلومها وأي إحسانٍ وأي منةٍ أعظم من مال الله في