فهل مثل الحديث عن هذا الشخص يدخل في الحديث الذي معنا ((لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة))؟ نقول: ليس مرد الكلام في هذا الرجل أن المبلغ ثلاثة آلاف، إنما الطريقة التي قدّم بها هذا المبلغ تقتضي الكلام فيه، ولا شك أن المسألة يعتريها ما يعتريها من الشكوك والظنون والأوهام والنفس تسرح في مثل هذا كل مسرح، لكن الكلام فيه وتعيينه باسمه لا شك أنها غيبة محرمة، لكن يطرح مثل هذا التصرف في مثل هذا الموضع، فهل هذا من احتقار الهدية أو العطية؟ إنما التصرف الذي احتف بهذه الهدية يجر إلى مثل هذا الكلام، لو أن طالب علم طلب من آخر قال: أنا أريد أحضر الدروس، وليس عندي كتب فذهب إلى المستعمل واشترى له كتب، كتب ممزقة، كتب تحتاج إلى ترميم، تحتاج إلى تجليد فهل يعاب بهذا؟ هنا لا يعاب، لا سيما إذا كان ليس عنده من المال ما يشتري به شيء جديد أو يشق عليه شراء الجديد ولا شك أن هذا من التعاون، لكن أحياناً يكون الترميم والتجليد أكثر من قيمة الكتاب، فلو أعطاه القيمة، وقال: اشتر به الكتب، استعن بها على شراء بعض الكتب، أما أن يشتري له كتاب بعشرة ويهديه إليه ويحتاج إلى تجليد بثلاثين، وهو يباع جديد نظيف بمثل هذه القيمة، لا شك أن مثل هذا يعدل عنه، نعم.
وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((من وهب هبةً فهو أحقّ بها ما لم يثب عليها)) رواه الحاكم وصححه والمحفوظ من رواية ابن عمر عن عمر قوله.