نعم في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ابن مسعود سئل عن هذه المسألة في شخص توفي عن بنت وبنت ابن وأخت، فقال: قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- للابنة النصف؛ لأن الشرط متحقق، وهو عدم المشارك، وعدم المعصب فتستحق النصف حينئذٍ ابنة الابن باعتبارها تدلي بالابن الذي هو أخو هذه البنت الوارثة للنصف فوقع تكملة الثلثين؛ لأن المسألة لو كان فيها بنتان لأعطيتا الثلث، فما دام البنت أعطيت النصف تعطى بنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت؛ لأن الأخوات مع البنات عصبات فتأخذ ما بقي، نعم.
وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتوارث أهل ملتين)) رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي، وأخرجه الحاكم بلفظ أسامة -رضي الله تعالى عنه-، وروى النسائي حديث أسامة بهذا اللفظ.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتوارث أهل ملتين)) " وذلكم إذا تحاكموا إلينا، بأن كان الأب يهودي والابن نصراني أو العكس فإنهما لا يتوارثان للاختلاف في الدين، وهذه المسألة لا شك أنها خلافية، والحديث يصل إلى درجة القبول، لكنه معارض بما عرف أن الكفر ملة واحدة، وأن حكم الكفار واحد، وحينئذٍ يتوارثون؛ لكنهم لا يتوارثون مع مسلمين، وهذا محمول على أن المراد بالملتين، لا يتوارث أهل الملتين يعني الإسلام وغير الإسلام، فيكون بمعنى حديث أسامة:((لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم)) أما الكفار على خلاف مللهم فهم ملة واحدة، وهذا قول الأكثر، يعني لو قال: إن أهل الكتاب ملة؛ لأن أحكامهم فيها نوع اختلاف عن أحكام غيرهم صار له وجه، لكن المعروف إما أن يقال: بأن كل ملة من ملل الكفر يهودية والنصرانية والمجوسية والبوذية وغيرهم من الكفار ملة واحدة، والمسلون ملة واحدة، فيرجع الخبر إلى حديث أسامة، أو يقال: إن هذه الملل ملل كفر على اختلافها كل ديانة ملة مستقلة، فعلى هذا لا يتوارثون، لو تحاكموا إلينا لا يتوارثون، لو وجد أب مجوسي وابنه يهودي أو العكس فإنهم لا يتوارثون.