ولا يمن بصدقته، وقد فعل ذلك أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-، تصدق بجميع ماله ولا نهي ولا ثرّب عليه، ومنهم من إذا تصدق بشيءٍ من ماله وأتبعه المن فإن مثل هذا يقال له: لا تتصدق إلا بالشيء اليسير يا أخي، وهذا عام في جميع الأبواب، تجد الإنسان يتورع عن الكي وعن الرقية، ولا يذهب إلى المستشفيات، لكن إذا جالسته وجدته يكرر هذا الأمر أنا لا أتعالج، أنا لا أكتوي، أنا متوكل على الله، أنا أفعل، أنا أكثر .. ، نقول: العلاج أفضل لك أنت، عالج يا أخي أحسن من هذا الكلام، وبعض الناس يصبر ويحتسب ولا يتكلم، مثل هذا يتجه في حقه أن يترك مثل هذه الأمور؛ ليكون من السبعين الألف، فعلى كل حال الثلث كثير يختلف أهل العلم في فهم هذه الكثرة، هل هو كثير والأفضل ما هو أقل منه؟ أو أجره كثير لعظم نفعه للمتصدق عليهم؟ ((الثلث والثلث كثير)) ثم ذكر العلة ((أنك)) يعني جاء به مضبوطاً بالهمزة المفتوحة، وجاء بكسرها:((إنك)) فأنك على أنها جملة تعليلية، وإنك على أنها جملة شرطية ((أنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) يسألون الناس بأكفهم، يعني بعض أهل العلم تكون مكتبته جميع ما يملك في هذه الدنيا، جميع ما يملك هذه المكتبة، ثم يكتب عليها وقف لله تعالى، ثم بعد ذلك يضطر الورثة إلى أن يسألون الناس، لكنه لو باع هذه الكتب، أو أوقف ثلثها وباع الثلثين، وصار الورثة عندهم شيء يقتاتون منه، وإن كان الورثة في الجملة لا يقدرون هذه الكتب قدرها، فكثير من أهل العلم تذهب كتبهم لا وقف، ولا يستفيد منها الورثة؛ لأنهم لا يقدرون قدرها، ووجد من ذلك قصص ومآسي بالنسبة للكتب، وهي لو وقعت بيد خبير لاستفاد منها الورثة فائدة عظيمة، فعلى هذا لا يشرع في حق هذا العالم أن يوقف هذه المكتبة، ويترك الورثة عالة يتكففون الناس؛ لأنها هي ما يملك، هي ماله، وتدخل في هذا الحديث؛ لأنها مال مما يباع ويشترى ويقتنى ويفاد منه، لكن إذا كانت له أموال وهذه المكتبة أقل من الثلث أو الثلث فأقل فأوقفها، وترك الناس يستفيدون منها هذا طيّب، هذا أفضل من أن يوقف الأموال، وإن كانت الظروف والأحوال تختلف باختلاف أحوال الناس، منهم قد تكون الحاجة إلى المال أشد من