للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وعن أبي أمامة الباهلي" واسمه صدي بن عجلان -رضي الله تعالى عنه- "قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن الله قد أعطى كل ذي حقٍ حقه فلا وصية لوارث)) رواه الإمام أحمد والأربعة إلا النسائي، وحسنه أحمد والترمذي، وقواه ابن خزيمة وابن الجارود، ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس" سنده بمفرده، وإن كان له شواهد يرتقي بها إلى الصحيح، فالحديث صحيح على كل حال، لكن أقوى من إسناده تلقيه بالقبول، وأهل العلم يقررون أن تلقي العلماء بالقبول للخبر أقوى من مجرد كثرة الطرق، فصححوا هذا الحديث، وعملوا به، والإجماع -إجماع من يعتد به- على أنه لا وصية لوارث، ويكون هذا الحديث في مقابل قول الله -جل وعلا-: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] لمن؟ {لِلْوَالِدَيْنِ} وهما من الورثة، هذا الحديث مع الآية، الآية تثبت الوصية للوارث، والحديث يقول: ((لا وصية لوارث)) فالحديث تلقاه العلماء بالقبول، وإن كان لم يخرج في الصحيحين، ولا في واحدٍ منهما، وله شواهد عن عمرو بن خارجة وعن أنس -رضي الله تعالى عنه-، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعن جابر وغيرهم، له شواهد، فماذا نقول في تعارض الخبر مع الآية؟ هل نقول: إن الحديث ناسخ للآية؟ وهل يسوغ نسخ الآية بمثل هذا الحديث؟ أما من لا يرى نسخ الكتاب بالسنة فيقول: إن الحديث لا يقوى، وإن تلقّاه العلماء بالقبول النسخ القطعي، الذي هو الآية، بنسخ الآية؛ لأن السنة لا تنسخ القرآن، ومن يقول: بأن السنة تنسخ القرآن لا إشكال عنده، لكن الذي يقول: بأن السنة لا تنسخ القرآن قالوا: إن الذي نسخ الآية آيات المواريث، ويشير إلى ذلك قوله في الحديث: ((إن الله قد أعطى كل ذي حقٍ حقه)) فالوالدان في آية الوصية قد أعطي حقهما من الميراث، فلا وصية لهما كغيرهما من الورثة ((إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث)) يعني هل نقول: إن هذا بيان أو نسخ؟ بيان للناسخ وهو الآيات آيات المواريث، أو نقول: إنه نسخ؟ يعني نظير ما قيل في حديث عبادة: ((خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة