للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((كل ذي ناب من السباع فأكله حرام)) ((فأكله حرام)) هذا الحكم الذي يشمل ذوات الأنياب أصحاب الأنياب من السباع، ومن سباع البهائم التي تعدو وتصول على الفريسة إذا كانت من ذوات الأنياب فإن أكلها حرام.

وهذا الحكم مما زيد في السنة على القرآن، مما جاءت به السنة مما ليس في كتاب الله، والسنة أصل، وهي وحي كالقرآن سواءً بسواء، ففي قوله -جل وعلا-: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ} [(١٤٥) سورة الأنعام] حصرت الآية في هذه المحرمات، ولا يوجد فيها ما يدل على تحريم ما له ناب من السباع، وما له مخلب من الطير، والأنواع التي جاءت السنة بتحريمها كلها لا تدل عليها الآية، والآية لا شك أنها متقدمة، فالذي يرى نسخ الكتاب بالسنة يقول: الآية منسوخة بما جاء في السنة، والذي لا يرى نسخ الكتاب بالسنة يقول: إن هذا الحكم مزيد على ما جاء في الكتاب؛ لأن مفهوم الحصر {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً} [(١٤٥) سورة الأنعام] هذا حصر، مفهومه أن ما عدا ذلك أنه حلال، هذا المفهوم عمومه مخصوص بما جاء في السنة، فيكون من باب التخصيص، والتخصيص يجوز تخصيص الكتاب بالسنة، ويجوز بما هو أقل مرتبة من السنة، فالتخصيص وإن كان رفع لبعض الحكم إلا أنه يختلف عن النسخ الذي هو رفع كلي للحكم، فالجمهور يرون أنه لا بد من الاتحاد في المرتبة في النسخ الذي هو الرفع الكلي، وإن ذهب جمع من أهل التحقيق إلى أن السنة كالقرآن تنسخ وتنسخ به، وعلى كل حال سواءً قلنا: إنه نسخ أو قلنا: إنه تخصيص هو رفع، فإن كان نسخ فهو رفع كلي، ولا يتصور هنا؛ لأن الحكم المستفاد من الآية لم يرفع رفعاً كلياً، فهو تخصيص، رفع جزئي للحكم.