بالمقابل إذا نقل لنا ابن عباس عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بسند صحيح في البخاري مثلاً نقول: هذا الخبر ثابت عن ابن عباس، ولا يمنع أن يهم ابن عباس في نسبة هذا القول للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فالخبر صحيح على شرط الصحيح باعتبار الإسناد، يعني كما قال ابن عباس:"تزوج النبي -عليه الصلاة والسلام- ميمونة وهو محرم" الخبر صحيح إلى ابن عباس، لكن ما يمنع أن يكون ابن عباس وهم في هذا الخبر، وهل يقال لوجود مثل هذا الخبر في الصحيح أن الصحيح فيه أحاديث ضعيفة؟ لا، نقول: الحديث صحيح، وفي أعلى درجات الصحيح، وسنده صحيح، لكن وهم، والوهم ما يعصم منه أحد إلا المعصوم -عليه الصلاة والسلام-، فالخبر من حيث الإسناد لا إشكال فيه، وهو ثابت إلى ابن عباس، لكن ابن عباس وهم، بدليل أن صاحبة الشأن قالت خلاف ما قاله ابن عباس، فننتبه لمثل هذا، هذه الأمور لا بد من الانتباه لها إثباتاً ونفياً.
على كل حال الحنفية والحنابلة يرون أن القنفذ محرم، وأنه خبيث من الخبائث، وذهب غيرهم إلى أنه حلال لعدم وجود ما يدل على المنع منه، وبعضهم قال: من باب اتقاء الشبهة، وأن الإنسان لا يبني جسده إلا على ما تبين حله أطلق الكراهة.
قال -رحمه الله-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الجلالة وألبانها" أخرجه الأربعة إلا النسائي" الجلالة: هي مأكولة اللحم من بهيمة الأنعام، أو من الطيور أو غيرها كالدجاج مثلاً التي تأكل النجاسات، هذه تسمى جلالة؛ لأنها تأكل الجلة، والجلة العذرة.
"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الجلالة" يعني عن أكلها، عن أكل لحمها، وعن شرب لبنها، وجاء ما يدل على النهي عن ركوبها، لماذا؟ لأن النجاسة أثرت في هذه الجلالة، أثرت في لحمها، أثرت في لبنها، أثرت في عرقها الذي يلابسه الراكب؛ لأنه قد يقول قائل: كيف ينهى عن ركوبها؟ الأكل واضح والشرب شرب اللبن واضح؛ لأن اللحم صار نتيجة لهذا المأكول، اللبن نتيجة لهذا المأكول، لكن الركوب؟ نعم العرق لأنه يلابسها، ولا بد أن تعرق، والعرق نجس؛ لأنها جلالة، وأثر فيها أكل الجلة.