وله شاهد عند أبي داود في مراسيله بلفظ:((ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله عليها أم لم يذكر)) ورجاله موثقون.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف --رحمه الله- تعالى-:
[باب: الصيد والذبائح]
الصيد والذبائح جزء من الترجمة السابقة التي هي الأطعمة؛ لأن ما يصاد وما يذبح من المطعوم، فلذلك جعلها باب من الكتاب السابق الشامل لما يصاد وما يذبح، وما يؤكل من اللحوم، فالأطعمة أعم من ذلك، حتى أن اللفظ ليشمل الماء.
"الصيد" ذكرنا في الدرس الماضي أنه يطلق ويراد به المصدر الذي هو الاصطياد، ويطلق أيضاً ويراد به المصيد، وهو ما يصاد، وهو من المشترك بينهما {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ} [(٩٤) سورة المائدة] المراد به المصيد.
الصيد من أنواع الكسب، وهو من أوضحها في الحل؛ لأن الأصل فيه أنه حلال، إنما يصاد من مأكول غير مملوك لأحد، وقد جاء الأمر به بعد الحل {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(٢) سورة المائدة] لكن أهل العلم قالوا: إن هذا الأمر للإباحة؛ لأنه تعقب حظراً ومنعاً، والأمر إذا جاء بعد الحظر يراد به الإباحة، هذا قول كثير من أهل العلم، وإن كان منهم من يرى أن الحكم يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر {فَاصْطَادُواْ} [(٢) سورة المائدة] هذا أمر، إذا قلنا: إنه للإباحة بعد الانطلاق من المحظور {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(١٠) سورة الجمعة] بعد المنع من البيع والتجارة، إذا انتهت صلاة الجمعة انتشروا، وابتغوا من فضل الله، هذا الأمر قالوا: للإباحة؛ لأنه بعد حظر.
لكن قول من يقول: إن الحكم يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر لا شك أنه أوضح؛ لأن الصيد لا سيما إذا لم يوجد سبيل إلى الطعام الذي لا تقوم الحياة إلا به سواه فإنه قد يتعين، شخص إما أن يموت أو يصطاد؟ يلزمه أن يصطاد، إذا كان قادراً على ذلك، ويخف هذا الأمر إذا كان عنده خيار آخر مفضول مثلاً عنده وجوه كسب مفضولة، يكون الصيد في حقه أفضل من سلوك الطرق المفضولة.